واشنطن تشعل الخليج / جهاد المنسي
منذ جلس الرئیس الأمیركي المثیر للجدل دونالد ترامب في بیتھ الأبیض وھو یعمل جاھدا لزعزعة استقرار المنطقة، فتارة یلغي موافقة بلاده على الاتفاق النووي الإیراني، الذي التزمت به ووقعت علیه الدول الكبرى، فیما تنصل ھو من تعھدات وتوقیع الادارة الامیركیة التي سبقته.
وفي زاویة أخرى نراه یستفز حلیف الولایات المتحدة وعضو حلف الناتو تركیا بتصعید كلامي وعقوبات، وتحالفات ترفضھا تركیا على حدودھا الجنوبیة مع سوریة.
وتارة یستفز حلفاءه الأوروبیین من خلال الانسحاب من معاھدة الصواریخ العابرة للقارات، وقمة المناخ، وتارة یضغط على الفلسطینیین والأمم المتحدة من خلال الانسحاب من الیونسكو ونقل سفارة بلاده الى القدس المحتلة واعتراف بلاده بضم القدس المحتلة للكیان الصھیوني، وھو الاعتراف الذي یتناقض مع الاتفاقیات الدولیة والقرارات الأممیة، وزاد من تناقضاته وجدلیته وتمرده على الشرعة الدولیة باعترافه بقرار الكیان الصھیوني ضم الجولان السوري المحتل.
وفوق ھذا كله لطالما وجھت الولایات المتحدة دعمھا لمجموعات إرھابیة، وأمنت الحمایة لھا وما تزال تحمي اولئك الإرھابیین في إدلب السوریة، وكذلك في محیط التنف والركبان، وحمایة المتمردین في مناطق اخرى.
والیوم تعاود واشنطن سیاسة التحرش بطھران، وترید اقناع العالم أن ایران تتحمل مسؤولیة ھذا التحرش، دون أن یفكر بتمرد الولایات المتحدة على الاتفاقیات التي وقعت، وفي إطار التحرش ذاك رفعت امیركا من جھوزیة حاملات طائراتھا ووجھتھا الى الخلیج لزیادة التوتر.
خلاصة ما یجري أن واشنطن تدق طبول الحرب، وھذه الطبول التي تقرع یرفع من وقعھا متشددون استحضرھم ترامب للبیت الابیض، وتلك الحرب ستقع الا اذا ظھر فجأة من بین أولئك المتشددین رجل یعد للعشرة و ینزع فتیل الحرب.
المؤشرات التي ظھرت خلال الیومین الماضیین بعد رفع وتیرة التصعید تؤشر على أن ھناك أصواتا بدأت تظھر في الادارة الامیركیة ترفض الذھاب للحرب ومنطق قرع طبولھا، فیما المؤلم أن كینونات عربیة ما زالت یمارس علیھا نفس الدور الذي مورس علیھا سابقا في حرب العراق، وبعد ذلك حرب سوریة وغیرھا، وأولئك للاسف من الضعف بمكان بحیث لا یستطیعون القول لا للادارة الامیركیة او بأقلھا أن یطلبوا منھا التروي قلیلا، او حتى یشغلوا عقولھم لرؤیة أن الحرب إن وقعت – لا قدر الله- سیكون ملعبھا أرض العرب وتدفع فاتورتھا جیب العرب وسیقتل فیھا عرب، وأنھم من سیدفع فاتورة تلك الحرب التي لا ناقة لھم في ذاك التصعید ولا جمل، وإن واشنطن لن تدفع قرشا أحمر لتمویل تلك الحرب.
الاكثر أسفا أن ترامب الذي یواصل تجاھل الحق العربي الفلسطیني في فلسطین، یبشر بصفقة قرنھ والتي عنوانھا التنازل عن القدس وحق العودة وعدم قیام دولة فلسطینیة مستقلة، تغیب ھذه القضیة والصفقة الخطرة عن الدعوات العربیة لعقد القمم، فیما یتقدم الخطر المزعوم لایران!
والمؤسف ایضا أننا نرید مناقشة الموضوع الإیراني دون ان نتمكن من رؤیة ما تفعله الولایات المتحدة في دول المنطقة، ورفضھا الاعتراف بالحق العربي في فلسطین، وانحیازھا غیر المخفي للكیان الصھیوني، وتعاملھا مع الدول العربیة كبنك متنقل تستطیع السطو علیھ كما ترید وفِي الوقت الذي ترید!.
لسنا بحاجة لكثیر عناء لرؤیة القصة بكل تفاصیلھا، إذ علینا ملاحظة أن بعض الصقور في الادارة الأمیركیة یریدون حربا، یشغلون فیھا مصانع أسلحتھم، ویؤمنون فیھا حدود حلیفھم (الكیان الصھیوني) بشكل دائم ولیس مؤقتا وإبعاد أي خطر محتمل عنھ، وإدارة عجلة البوصلة باتجاه ایران دون رؤیة نازیة الكیان الصھیوني في الارض المحتلة.