هل هي المتاهة ؟؟ || د. سعيد ذياب
فى دراسة لأحد الباحثين الغربيين يفسر تخلف شعوب العالم الثالث بأن الدولة العميقة في هذه البلدان هي التي تتحمل المسؤولية وذلك من خلال سياسة حجب المعلومة عن الشعوب من ناحية وإشغالها في التفاصيل من ناحية ثانية.
ليس على أساس أن الشياطين تكمن في التفاصيل، فالشياطين موجودة في كل جوانب حياتنا بل لأن هذا الإنشغال في الجزيئيات يحرمها من النظرة الشمولية للحدث وبالتالي ينجح ومن خلال النخب الحاكمة في تمرير تلك القرارات وفرض سياساته.
بالعودة إلى قانون الأحزاب وإصرار مجلس الأعيان على رده إلى مجلس النواب بسبب إدخال الأخير تعديلات طفيفة على القانون، هذا الفعل يثير أسئلة أكثر بكثير مما يتبادر للذهن.
لماذا هذا الإصرار على التمسك بحرفية النص رغم انكشاف أهدافه الحقيقية بتدمير الحياة الحزبية؟
من الذي سمح لهذه المؤسسات بالتمادي في التخريب الممنهج لمؤسسات المجتمع؟
أين تكمن المصلحة الوطنية في هذا التشويه المتعمد؟
هذه السياسة وإن بدت أنها نجحت في تحقيق أهدافها ومراميها التخريبية فإنها تعكس أن من خطط ورسم لهذا النهج هم أغرار سيكتشفون أن هذا النهج (نهج التدمير الذاتي) لن يقود إلا لمزيد من الاحتقان المجتمعي.
لا يختلف مسار التاريخ والمجتمع عن مسار الأنهار، حينما تحاول منعها سرعان ما تذهب جانبا بحثا عن مسرب حتى وإن كان جزئيا.
مثل هكذا قرارات لايمكن لها أن تصادر عملية التفكير وإنتاج الفكر مهما بلغ التعسف في استعمال القوة والقانون.
فالأفكار التجديدية برزت من رحم المعاناة ورفض الواقع وإرادة التغيير.
يوم عن يوم أزداد قناعة بأن مؤسساتنا يقودها أغرار والسمة العامة لهم الانتهازية.
وإن كان العكس يا سادة فاشرحوا لنا لماذا تتعامل هذه النخب بعدائية شديدة ضد الفكر والتفكير والعمل المنظم والمؤسسي؟ أم أن مصلحتها مع تجهيل المجتمع؟
هل هي المتاهة؟
أم سياسة التجهيل المتعمد؟