أخبار محلية

هل نجحت الحكومة في ضبط الحراك التضامني مع الشعب الفلسطيني ؟!

  • ذياب: نجاح الأحزاب في إنجاز مهماتها الوطنية والديمقراطية غير ممكن بدون المواجهة الجادة مع المشروع الصهيوني وأدواته
  • الطميزي: الحكومة استطاعت أن تحقق الهدف المنشود في مضايقة هذا الحراك، وبعض وسائل الإعلام ساعدتها في ذلك من خلال التركيز على الرؤية الحكومية
  • الطراونة: الخلافات الجذرية داخل النقابات حول سورية ومصر، والعقلية الإقصائية للإسلاميين عوامل إضافية ساهمت بإضعاف الحراك

باهتة.. هو التوصيف الأدق للفعاليات التي أقيمت مؤخراً في الأردن للتضامن مع الشعب الفلسطيني وانتفاضته. هذه الفعاليات التي انطلقت قبل أسابيع بزخم كبير وبتنوع كبير في أساليبها وأماكنها، أصبحت في الأسبوعين الأخيرين محصورة بفعالية هنا وأخرى هناك بالتزامن مع عودة القبضة الأمنية من خلال منع إقامة عدد من الفعاليات وتفريق فعاليات أخرى.

الأحزاب القومية واليسارية أقامت عدة فعاليات وتنوعت هذه الفعاليات بين وقفة بالقرب من سفارة الكيان الصهيوني وأخرى في منطقة النزهة بعمان، واعتصام أمام مجلس الوزراء وآخر أمام السفارة الأمريكية –تم منعه قبيل بدئه بدقائق-، وأخيراً مسيرة انطلقت بالأمس من المسجد الحسيني، ورغم ذلك فإن الزخم غاب عن فعالياتها الأخيرة.

الحركة الإسلامية اكتفت بمسيرات رشح عبر وسائل إعلام وجود اتفاق مع الحكومة على ضبط سقفها، كما واصلت الحركة الإسلامية قطيعتها مع منطقة الرابية حيث مقر السفارة الصهيونية، وبعد منع إقامة مهرجان لها في ساحة “الريجنسي” بعمان، لم تُقم الحركة الإسلامية أية فعاليات مركزية في العاصمة، واكتفت بفعاليات محدودة في إربد والزرقاء.

فيما غابت النقابات المهنية عن المشهد تماماً، ولم تطلق سوى فعالية واحدة اتسمت بالخجل في الدعوة لها، إضافة إلى المشاركة في وقفة في ذكرى وادي عربة في ساحة مجمع النقابات لم يتعدى المشاركون فيها الــ 50 شخصاً.

ضبط إيقاع الحراك على المقاس الحكومي

الدكتور إبراهيم الطراونة نقيب أطباء الأسنان أشار إلى أن الحكومة استغلت عدة عوامل، ولعبت على تناقضات الأطراف، ولذلك فقد نجحت في إضعاف الحراك وضبطه ليتوافق مع رؤيتها وتوجههاتها.

ويتفق الرفيق فرج طميزي أمين عام الحزب الشيوعي الأردني مع ما ذهب إليه الطراونة، لافتاً في اتصال أجرته معه نداء الوطن إلى أن الحكومة استطاعت أن تحقق الهدف المنشود في مضايقة هذا الحراك من خلال الوسائل الأمنية التي تتبعها في الحراك. ولكنه يضع اللوم أيضاً على وسائل الإعلام التي رأى أنها “ركزت على الرؤية الحكومية إزاء ما يحدث في الأراضي المحتلة ولذلك فهي قلّصت الأمور من هبة شعبية إلى قضية لها علاقة بمواعيد زيارات وكاميرات وصلاة”.

فيما يرى الدكتور سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية، أن الحكومة هدفت إلى ضبط الحراك ضمن مستوى معين، بحيث لا يرتفع سقف هذا الحراك إلى الحد الذي تجد نفسها فيه -أي الحكومة- مضطرة للاستجابة لمطالب الحراك وشعاراته المتمثلة بطرد السفير ووقف التطبيع وتجميد معاهدة وادي عربة.

انقسامات داخل الحراك الوطني والشعبي

عوامل أخرى لعبت دوراً في جعل الحراك لا يرتقي إلى طموح أي أحد وفق ما ذكره الدكتور الطراونة في حديثه لنداء الوطن. حيث يضع اللوم على الحركة الإسلامية التي “تعودنا عليها مراراً وتكراراً إذا لم يكن الإسلاميين في صدارة المشهد وإذا لم يكن المشهد إسلامياً بامتياز، لا يشاركون فيه، وإذا شاركوا تكون مشاركتهم ضعيفة”، يتابع نقيب أطباء الأسنان.

ولفت الطراونة إلى أن الخلافات الجذرية داخل النقابات المهنية بعد ما يسمى بالربيع العربي والاختلاف على الموقف من الأحداث في سوريا ومصر جعل من الصعوبة على النقابات التوافق في العمل العام.

فيما يرى الطميزي أمين عام الحزب الشيوعي الأردني أن ضعف وتيرة العمل السياسي بين الأحزاب والنقابات ومحاولة تفرد كل مجموعة والعمل لنفسه، لعب دوراً رئيسياً في إضعاف فعاليات الحراك. 

ونوه الرفيق فرج الطميزي إلى أنه في الوقت الذي تعود فيه القضية الفلسطينية إلى مركز الصدارة في الإعلام الدولي وفي مظاهرات شعبية كبيرة في المدن الكبيرة، أن يكون هناك انقضاض وتقلص في حجم المشاركة في الدول العربية.

الدكتور سعيد ذياب اعتبر في حديثه لنا أن ضعف الفعاليات مسألة مرتبطة بطبيعة الحراك نفسه. ورأى أن مشاركة النقابات الضعيفة ناتجة عن تحول في بُنيتها وتركيبتها وحتى في سياستها نحو المشاركة في الشأن الوطني، هذا التحول نلسمه في الضعف بالمشاركة سواء كان في التضامن مع الانتفاضة الفلسطينية أو مع الشأن الوطني المرتبط بالإصلاح السياسي.

ويضيف ذياب “أما دور أحزاب الائتلاف والقوى السياسية الأخرى، فأعتقد أن هناك عوامل ذاتية في الأحزاب نفسها سواء لجهة القدرة على التحشيد الكافي أو حسابات سياسية ذاتية (تحديداً لدى الحركة الإسلامية) بعدم رغبتها في رفع مستوى ومنسوب الحراك الشعبي”.

الشعب الفلسطيني وارتقاء الحراك إلى مستوى تضحياته

حجم التضحيات التي يقدمها الشعب الفلسطيني وضع القوى الوطنية الأردنية في موقف لا تحسد عليه من ناحية ضرورة أن يكون حراكها بمستوى تضحيات هذا الشعب.

الرفيق فرج الطميزي أكد على أن المطلوب من الأحزاب وفي المقدمة منها الأحزاب اليسارية والقومية “وقفة جادة ومراجعة شاملة ومحاولة الوصول إلى مفهوم جبهوي يستطيع أن يعطي زخماً جديداً للعمل الجماهيري وفي توزيع جديد للمحافظات لأن الهبة الفلسطينية أخذت تتحول إلى هجمة ليست صهيونية فقط، وإنما إمبريالية وأذرعها في المنطقة العربية”، معرّجاً على زيارة كيري الذي جاء –وفق الطميزي- وفي جعبته كل وسائل الضغوط على الأردن والسلطة و”أظنه قد تحقق له ما أراد”.

من جهته رأى نقيب أطباء الأسنان الدكتور إبراهيم الطراونة، أنه لا أحد يستطيع القول بأنه ليس للنقابات المهنية قضية مركزية ومتوافق عليها مثل القضية الفلسطينية. لافتاً إلى أن ما يقوم به العدو الصهيوني والدور العظيم للمرابطين وللشعب الفلسطيني يجعلنا في كل يوم نخجل من أنفسنا. 

الدكتور سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية تقاطع مع الطميزي شريكه في ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية لافتاً إلى أن الأمر يفرض على الأحزاب أن تضع القضية الفلسطينية على أجندتها كقضية مركزية باعتبار أن نجاح هذه الأحزاب في إنجاز مهماتها الوطنية والديمقراطية غير ممكن بدون المواجهة الجادة مع المشروع الصهيوني وأدواته.

مستطرداً أن “هذا يعني توفير كل عناصر الدعم والإسناد للشعب الفلسطيني في معركته الوطنية وأن يكون الشعار الناظم لهذه الحركة الوطنية هو وقف التطبيع مع العدو الصهيوني وإغلاق السفارة الصهيونية والعمل على إلغاء معاهدة وادي عربة”.

وفي انتظار أن تترجم القوى الوطنية والحزبية والنقابية أهدافها ورؤيتها حول القضية الفلسطينية على الأرض، تبقى الحكومة الرابح الأكبر من تشرذم هذه القوى وضعف تحركاتها الداعمة للشعب الفلسطيني.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى