هل علينا أن نقلق؟ / جهاد المنسي
خلال أسبوع جرى التالي: تخريب خط مياه الديسي ما تسيب بقطع المياه عن 6 محافظات، إطلاق الرصاص على سيارة حكومية من قبل مجهولين في منطقة البترا، مظاهرات في لواء الرمثا احتجاجا على قرارات حكومية، وايضا تصعيد من قبل نقابة المعلمين قبل ايام من بدء العام الدراسي الجديد الذي يفترض أن يبدأ في الاول من الشهر المقبل.
إرهاصات مهمة وخطيرة تؤشر لأوضاع علينا كمراقبين وساسة ملاحظتها، وعلى الحكومة أخذها بعين الاعتبار والتعامل معها بعقل بارد، وفكر حاضر، ورؤية ثاقبة، وحلول واقعية، فبدون ذلك لا يمكن أن نصل لحلول مقنعة يمكن البناء عليها لاحقا، وبدون تشخيص حقيقي لن نصل لمناطق يمكن ان تكون نقطة انطلاق لأزماتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وحتى الثقافية والفكرية.
عمليا، وبلا مواربة فإن الحلول لما يحدث يجب ان تحاكي الواقع وتتسق مع تطلعات الناس، وهنا فإن الحكومة عليها أن تعي ان المعالجات العنترية لأزماتنا الاقتصادية، وفرض الضرائب دون أن يلمس العامة نتائج ملموسة، ويشعرون بنتائج إيجابية لكل ذلك، فإن حالة الاحتقان سترتفع، وتتضاعف حالة التململ المجتمعي التي نلحظها بين فينة وأخرى.
بيد ان التأشير للوضع الاقتصادي الصعب للناس، وثقل الحمل الملقى على كاهلهم لا يعني أبدا تخريب ممتلكات الدولة أو التأثير على السياحة بأي شكل من الاشكال، وهنا لا بد من اعادة التأكيد بما يشبه الإجماع أن الأردنيين بكل تلاوينهم ومعتقداتهم وافكارهم، وميولهم السياسية والفكرية، مجمعون أن أمن الأردن خط احمر، وانه لا يجوز ان يتم العبث به تحت اي طارئ او منحنى، وان الخلاف في الرأي يجب ان يكون خلافا نقاشيا سلميا مهما اختلفت الرؤى وسبل المعالجة، والحكومة عليها ان تعي بالمقابل أن الأردنيين شدوا الأحزمة كثيرا، وان قدرة التحمل باتت معدومة، وان الحل يكمن في تعزيز مبدأ الشفافية، والواقعية ومكافحة الفساد والافساد، وتعزيز الحريات العامة، وتقليص المصروفات غير اللازمة، ومراقبة أداء الحكوميين، وتعزيز منظومة النزاهة، وتوسيع مفهوم دولة المؤسسات والقانون، وتعزيزها بما يضمن عدالة تطال الجميع.
وبناء على ذلك ولأن الحالات الفردية يمكن ان تؤثر على المجموع العام، فإن ما جرى خلال الأيام الماضية أمر لا يجب ان يمر مرور الكرام فتخريب خط مياه الديسي، وبالتالي قطع المياه عن 6 محافظات أمر يتوجب على الحكومة ان تنظر اليه بعين القلق لاسيما وان قطع المياه وفق ما اعلنت الوزارة سيستمر اسبوعا، الامر الذي يعني ازمة مياه خانفة في المحافظات المعنية، بالمقابل، فإن القلق لا يكمن في ازمة المياه فقط، وانما في تكرار مثل تلك الاعتداءات التي لا يجب ان تعتبر اعتداءات عابرة بقدر ما هي تخريب متعمد يصل لمراحل اخطر من سقي اغنام، فما تم تصويره ورأيناه عبر الفيديوهات، والعبث الذي جرى خطير، ويضع الحكومة امام مسؤولية البحث عن طرق لمعالجة امكانية تكرار مثل تلك الاعتداءات من قلة عابثة، دون ان يتاثر فيها القاطنون في المحافظات التي سيطولها قطع المياه.
وايضا فإن ما جرى في منطقة البترا السياحية يتوجب التوقف عنده بشكل حقيقي، ففي الوقت الذي تتحدث الحكومة عن ارتفاع الدخل السياحي يأتي احدهم ليطلق النار على باص، وهو امر يحمل في طياته الكثير من علامات السؤال والتي تحثنا كمجتمع وحكومة أن نعي بشكل كامل ان ما جرى ستنعكس تبعاته ليس على الحكومة وحدها بقدر انعكاسها على المجموع العام.
وأيضا فإن الحكومة عليها أن تقتنع أن القرارات العبثية احيانا يمكن ان تستفز الناس وبالتالي تجعلهم في قلق دائم، وهو الامر الذي عليها أخذه بعين الاعتبار، وان تبتعد عن مواصلة التفكير بالطريقة التي ستجمع فيها اموالا من الناس.