هذا وعدنا لجماهيرنا
لقد بات واضحاً أن بعض من “تساقط” أو “انسحب” من صفوف اليسار، يحمل في قرارته نزوعاً طاغياً لتبرير ذاته والمربعات التي انتقل إليها.
وقد عبر عنها بوضوح من خلال خلطه المكشوفْ، واصطياده المقيت، في مياه انتخاباتٍ تحيط بها الكثير من علامات الاستفهام، لناحية نزاهة ومصداقية إجراءاتها ومشروعية مخرجاتها، ودرجة تمثيلها للإرادة الشعبية.
هؤلاء ينطلقون في “الدور المطلوب منهم” ليس من حرصٍ “شديد” على “النقد الذاتي”، أو حزناً على “المزاحمة” بين “أبناء التيار” القومي اليساري الواحد في الدائرة الثالثة، وضعف نتائجه في الدوائر الانتخابية الأخرى، بل لأنهم ارتضوا، بوعي أو بغير وعي، أن يكونوا ترساً في ماكينة تم إعدادها للقضاء على كل ما يمت بصلة للتيار اليساري القومي التقدمي الملتزم بالبرنامج الوطني الديمقراطي، الذي يستجيب لحاجات الناس وهمومهم المباشرة، وطموحهم في تحقيق العدالة الاجتماعية بأركانها، وحرصهم على حماية الأردن من المخططات الصهيونية المحدقة به، وليست المُتَخَيَّلة، والتي تستهدف استقراره، وتستهدف بشكل موازي تصفية القضية الفلسطينية بكل أبعادها.
ليس اليسار من يخشى من نقد الذات، والوقوف الصريح على أخطائه وعثراته وتبيان نقاط ضعفه التي تفرزها تجربة الميدان، وهو استحقاق ضروري وقادم، لكن هناك فرق بين ممارسة النقد الذاتي كشرطٍ للاستمرار والتقدم إلى الأمام، ومحفزٍ للنهوض من جديد، وبين من يتمنون نعي الوجود المنظم لليسار. ونقول لهؤلاء المُتَمَنين، أنكم واهمون، فطبيعة الصراع الطبقي – الاجتماعي، تمنع أفول اليسار، وتفرض بالضرورة عودة قوية له ولبرنامجه وأدواته الجماهيرية، لأنه الأكثر اخلاصاً والتصاقاً بنبض الناس وهمومهم ومعاناتهم. هذا وعدنا لجماهيرنا.