هبة القدس والأمل المتجدد
المنطقة على صفيح ساخن ومرجل الشعب بدأت حرارته بالإرتفاع وكرة اللهب تتدحرج وقواعد الإشتباك بدأت بالإنزياح … كل هذا حملته في ثناياها جملة من التطورات اللافته :
1.انتفاضة القدس في وجه الغطرسة الصهيونية دون انتظار للتعليمات والأوامر وبعيدا عن حالة التهافت والسقوط التي تعيشها السلطه الفلسطينيه وفصائلها المأزومه المشغوله بالإنتخابات وحساباتها وعباس وشتائمه البذيئه أمام أركان قيادته الخانعه وإحتمالات فشله في الحفاظ على مقعده مجددا وفتح وتشظيها وتحولها إلى فرق متناحره.
2.إمتداد ألسنة اللهب من القدس إلى باقي الأراضي المحتله في الضفه وغزه التي بدأت صواريخه بالتساقط على مستوطنات غلاف غزه والذي قد يصل إلى المناطق المحتله عام 1948 الأمر الذي يبشر بإندلاع انتفاضه ثالثه (أخذت حيثياتها بالتشكيل التدريجي) تضع حدا لحالة السقوط التي آلت إليها سلطة أوسلو وأجهزتها الأمنيه بعد سنوات من المفاوضات العبثيه والتنسيق الأمني لمنع أي فعل مقاوم.
3.الصاروخ (الطائش_المراهق) القادم من سوريا باتجاه مفاعل ديمونه والذي ضل طريقه كما يحلوا للبعض وصفه بينما هو في الحقيقه تغير جوهري في قواعد الإشتباك بين محور المقاومه والكيان الصهيوني وإعلان نفاذ الصبر إزاء الغارات الصهيونيه المتكرره على سوريا دون رد معلن.
4.الصاروخ “الضال” كان إعلانا بأن دوام الحال من المحال وأن قدرات دول المقاومه وأطرافها التكنولوجيه باتت تمكنها من الوصول إلى أي مكان في الكيان الصهيوني دون إلتفات للباتريوت أو القبه الحديديه أو صواريخ الإبن “الضال” للمكان الذي يريد ونزل وإنفجر قريبا من مفاعل ديمونه وتردد صداه في أرجاء المنطقه منهيا بذلك عقودا من العبث والفلتان الصهيوني دون ردع.
5.حالة عدم الإستقرار السياسي التي يعيشها الكيان الصهيوني والناجمه عن عدم قدرة أي من أطرافه السياسيه على تشكيل حكومه قويه مستقره تحظى بأغلبيه مريحه في الكنيست وتوقف مسلسل الإنتخابات الداخليه الممل.
6.تداعيات قرار الإداره الأمريكية في عهد ترامب بإعتبار القدس الموحده عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفاره الآمريكيه لشرق القدس .
هذه التداعيات أغرت العدو الصهيوني لجمله من ألإجراءات التي ساهمت في إحداث حالة الغليان الراهنه :
- ارتفاع وتيرة ألإجراءات الهادفه لتهويد القدس وفرض السرديه التوراتيه عليها.
- قضية أراضي الشيخ جراح وصدور أوامر(قضائيه) بأن يخلي السكان بيوتهم ويقوموا بتسليمها لبلدية الإحتلال في القدس .
- عملية الإستيلاء على عقارات سلوان بطرق إحتياليه تزويريه لصوصيه لخلق بؤره إستيطانيه هناك بنية توسيعها مستقبلا.
- منع المصلين بالقوه من إقامة الشعائر الدينيه في الأقصى خلال شهر رمضان المبارك بالمقابل إتاحة الفرصه لسوائب المستوطنين إستباحة ساحات الحرم القدسي بحماية قوات الإحتلال في جولات إستفزازيه متكرره.
وقد ترافقت هبة القدس الجماهيريه الراهنه بإعلان إدارة بايدن إنحيازها السافر لإجراءات العدو الإحتلاليه وتوفيرها الغطاء السياسي لهجمات المستوطنين العنيفه على سكان المدينه وهتافاتهم العنصريه”الموت للعرب”…وذلك عبر تصريحات الناطقه بلسان الخارجيه الأمريكيه بإستنكارها للهتافات العنصريه للشبان الفلسطينيين.
وفي ظل كل هذا وبكل وقاحه وغطرسه يطلب العدو الصهيوني من سلطة أوسلو التهدئه في القدس ولجم المقاومين هناك.
ورغم يقيني بأن السلطه وحزبها وأجهزتها لا يملكون سلطة وقف هبة القدس الجماهيريه إلا أنني أخشى من تدخلاتهم لتحقيق ذلك.
فالسلطه كل ما يشغل بالها الآن هو الإنتخابات التشريعيه المزمع إجرائها الشهر القادم وما جرته عليهم من مخاطر تتمثل في تشظي فتح إلى ثلاث قوائم وترشح مروان البرغوثي مقابل محمود عباس الأمر الذي يهدد فتح بفقدان أغلبيتها وإحتمال فوز البرغوثي وسقوط عباس وقضية إجراء الإنتخابات في القدس وتحولها لشماعه للإجراءات القادمه.
كل هذه المؤشرات تنبئ بحتمية تأجيل الإنتخابات أو إلغائها لمحاولة لملمة صفوف أتباع السلطه وحزبها المرتجف وقد نكتشف أن مسار الأحداث سيجعل من ذلك مطلبا صهيونيا لوقف حالة التهور التي تعيشها السلطه مؤقتا .
أمام هذه اللوحه المتناقضه والتي تخبئ في أحشائها الكثير أرى أن الفرصه باتت سانحه أمام القوى المناضله صاحبة المشروع التاريخي في تجاوز أزمتها وإستعادة توازنها والنهوض مجددا بالإستناد للحاله الجماهيريه المتفجره لتطويرها وتوسيعها وإدامتها(دون إفراط في التفاؤل) على طريق الحريه والاستقلال .