مقالات

نَتَنياهو – نِتن وَفاسِد قبلَ لائِحَة الإتهام

فَرحَ الفِلسطينيّون أكثَر من غَيرِهم على قرار تَقديم لَوائِح الإتهام بِحق رئيس حكومَة كِيان الإستعمار الصَهيوني في فلسطين بِنيامين نتنياهو، حتى أكثَر من «الإسرائيليين» أنفُسَهُم، وفي الداخل الفلسطيني هناكَ من زَعمَ وَسَيزعُم أكثَر في حَملَة الإنغِماس في المشروع الإستعماري من خلال إنتخابات الكنيست الصَهيوني بأنَّهُ هوَ،هُم سَبب إسقاط نتنياهو عن سُدَّة الحُكم، وهو حتى اللحظة ما زالَ بَعيدًا عن ذلك، فَهُناك مَسار طَويل قَد يتَأخَّر لِسَنوات حتى إختفاء النتن ياهو عن الساحة السياسية والحزبية وذلك بِسَبَ ثَغرات في القانون الصَهيون وفي قَرارات المحكمة العُليا التي تَناوَلَت قَضايا مُشابهَة تَخُص وزراء وليسَ رئيس وزراء، وَمع غِياب إئتلاف حُكومي وعَدم وجود لِجان مُتَخَصِّصَة في الكنيست من صَلاحياتها أن تُقَرِّر في حَصانَة نتياهو أو عَدِمها سَيُأخّر الأمر إلى ما بَعد الإنتخابات القادِمة والتي قَد تَحصَل في شهر آذار 2020، إذا ما حَصَلَت، هذا سيناريو باتَ هو الأقرَب بَعدَ فَشَل جانتس زعيم حزب الجنرالات «أزرق أبيَض» وهو بِالمُناسَبَة الحزب الذي أوصَت عليهِ القائِمَة المُشتَركة لِتشكيل الحكومَة وبالمناسبَة أيضًا، هو شريك في عَمَليّة الإغتيال الأخيرة للشهيد بَهاء أبو العَطا وفي قَرار العُدوان الأخير على غزَة، وقبلهِ كانَ قَد فَشِلَ زعيم حزب الليكود بنيامين نتياهو من تشكيل حكومَة «يمينية» مُصَغّرَة أو حتى حكومة وحدَة واسعَة، وفي سِياق المارثون لِتَشكيل الحُكومَة كانَت القائِمَة المُشتَرَكة، تَحالُف الأحزاب العربية الأربعَة المُشارِكَة في إنتخابات الكنيست الصَهيوني وهي: الجبهة الديموقراطية الحركة الإسلامية الجنوبية التجمع الوطني والحركة العربية للتغيير، كانت هي الحاضِر الأقوى بِحَسَبِ التَرويج الإعلامي، فَمَساعي بنيامين نتياهو لإقناع الأحزاب اليمينية وليبرمان في تشكيل حكومَة مُصَغّرة وفي إقناعِهِ لحزب أزرق أبيَض ومن معهُ من تحالف الأحزاب اليميتة للذهاب إلى خيار حكومَة وحدَة هو قَولِه وَتحذيرِهِ، من جنون وجود حكومَة تَستند على أصوات الأحزاب العَربية، في المُقابِل كانَ زعيم حزب أزرق أبيَض يُناوِر بموضوع حكومَة تَستنِد على هؤلاء من دون أن يَتم التفاوَض معهُم بِشكل رسمي، وَنِيَّتهِ منذُ البِدايَة هي إستعمالَهُم كَفَزاعَة من أجل دفع الليكود إلى توافق على حكومَة برئاسَتِهِ، وَهذا ما كانَ فِعلًا، وَقد أخبَرَ جانتس أعضاء مركز حِزبِهِ بذلك حين قالَ لَهُم: «لَم يَكُن واردًا أبدًا في حِساباتنتا أن نُشكل حكومَة ترتكز على أصوات القائِمَة المُشتَركَة»، وَهكَذا بَعدَ أن راهنَت القائِمَة المُشتَركَة على جانتس وحزبِهِ بأن يَكونَ السَيف الذي يُحَقِّق شِعار المُشتركَة في إسقاط نتياهو وهو الشِعار المركزي في حَملتهم الإنتخابيّة، جميعًا دونَ إستثناء، وَيبقى خَيار تَشكيل حكومَة بِرئاسَة بنيامين نتياهو أو حتى أفيغدور ليبرمان، وإن كانَ هذا سيناريو بَعيد في رؤياه، لكنَّهُ قَد يُصبح واقعي في حال حصول تَطَوّر دراماتيكي على الساحَة الحزبية/السياسية في داخل الكِيان، وهو أمر غَير مُستَبعَد، من ناحيَة هناك «سَكاكين» داخل حزب الليكود بَدأت تَرتَفع في وجه نتياهو، وَهناك إحتمال لمحاولَة منع حصول إنتخابات ثالثة لِفداحة خسائِرها المادية والسياسية/الإدارية من خلال تحالَف واسِع قَد يكون في مركزِهِ أفيغدور ليبرمان.
وأخيرًا، لِماذا يَفرَح الفلسيطنييون على لائِحَة إتهام بالفَساد على من يَقوم بالقَتل اليَومي ضد أبناءِ شَعبنا في كُلِّ مَكان، منَ المُفتَرض أن نَسعى لِيكون هذا المُجرم وغَيرِهِ في الأماكن التي تليق بهم كَمُجرمي حَرب وَعدوان وقتل وَدمار، طَبعًا هُناك من يَستَفيد من مُجَرَّد الدخول في لُعبَة الديموقراطية وسَيَدَّعي من يَدَّعي بأنَّهُ «بَطَل» إسقاط نتياهو، وَبِالمُقابِل نَسمَع عن عَشرات القِصَص عن قَضايا فَساد لدى قيادات وأحزاب عَربية وفلسطينية، قضايا يَندى لَها الجَبين وقد لا تَتوازى مَع قَضايا النتن ياهو ولا يوجد هُناك من رَقيب ولا حَسيب، لا مُظاهرات ولا إعتصامات، لا مَحاكم ولا تحقيق ونَتَصَرَّف كَأنَّ لا جديد تحتَ الشَمس، نُحاكم إنتفاضَة لبنان ونُقَدّم النُصحَ والمَشورة عن الفَساد وغير الفساد ونحنُ نَنام على برميلٍ من الفساد، سَيذهَب نتياهو غير مؤسوفًا عليهِ، ولو بَعدَ حين وَسيبقى الّلعب بِقضايا شَعبنا المَصيرية على مَذبَح الديموقراطية الصُهيونية وفي مَلعَب الشَرعية الدُوليّة وعن الواقِعيّة السياسية، هي لُعبَتهم ومن يُحافظون على تَماسُك نِظام الإستعمار خاصّتهم لا أكثَر ولا أقَل.

بواسطة
محمد كناعنة أبو أسعد - الجليل / فلسطين
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى