نقابة الصحفيين: ممنوع دخول خريجي “الصحافة”
لم يتوقع طالب الصحافة والإعلام في الجامعات الأردنية الحكومية أو الخاصة أن الأربع سنوات التي سيقضيها ذهاباً وإياباً إلى الجامعة، ستؤدي به في نهاية المطاف إلى “منتحل شخصية صحفي”، في حال لم ينتسب إلى عضوية نقابة الصحفيين، وأنه معرض في أي لحظة يمارس فيها العمل الصحفي للمحاكمة بتهمة انتحال شخصية صحفية.
في تلك اللحظة التي قرر فيها الطالب أن يبتعد عن أية تهمٍ أو شبهات قد توجه ضده، واجهته الصدمة الأخرى وهي أن عملية انتسابه للنقابة ليست بالعملية البسيطة كباقي النقابات، وعليه أن يجد عملاً أو على أقل تقدير تدريباً في مؤسسة صحفية أو إعلامية رسمية تعترف بها الحكومة الأردنية. فالمادة (5 الفقرة د/3) من القانون المعدل لقانون نقابة الصحفيين لسنة 2014 تنص على الآتي: “على حامل شهادة البكالوريس في الصحافة أو الإعلام التدرب على ممارسة المهنة مدة لا تقل عن سنة”. وضمن ذات المادة فقرة (د/2): “على حامل شهادة الماجستير أو الدبلوم العالي في التخصص التدرب على ممارسة المهنة مدة لا تقل عن ستة أشهر”.
شروط تعسفية وبطالة مرتفعة
عدلت بعض بنود القانون عام 2014، إلا أن هذه التعديلات لم تشمل شروط الانتساب التي تتمحور حول الخبرة، حيث لم يؤخذ بعين الاعتبار في تلك اللحظة مشكلة البطالة المتصاعدة التي تشهدها المملكة، فبحسب دائرة الإحصاءات سجلت نسبة البطالة في ذلك العام 11.9% لترتفع عام 2013 إلى 13% ثم تصل عام 2016 إلى 15.3%.
ويقع خريج الصحافة -حاله حال خريجي معظم المجالات الأخرى- في إشكالية كبيرة: النقابة لا تعترف به كصحفي إلا في حال مارس المهنة لمدة عام واحد على الأقل، في المقابل فإن المؤسسات الصحفية المعترف بها حكومياً، تشترط الخبرة لغايات التوظيف. ما يؤدي إلى المزيد من التعقيدات في قدرة الخريج الجديد في الحصول على عضوية النقابة، وهو الأمر الذي يجعله عرضة لاستغلال بعض المؤسسات الإعلامية، حيث العمل فيها برواتب متدنية جداً إضافة إلى الحرمان من الاشتراك في الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي.
محمد تخرج من إحدى الجامعات الأردنية من كلية الصحافة، تم استغلاله من قبل إحدى المؤسسات الإعلامية غير الأردنية والتي تعمل في الأردن، حيث عمل في هذه المؤسسة لفترة تزيد على العشرة أشهر دون تأمين صحي ودون إدراجه في الضمان الاجتماعي.
تهميش للمواقع الإلكترونية
اعتقد خريجو الصحافة أن مشكلتهم في طريقها للحل، بعد اعتراف قانون المطبوعات والنشر بالمواقع الإخبارية الإلكترونية والتي أصبح لها دور مهم وبارز في الساحة الإخبارية، لا وبل قد تنافس بدرجة عالية الصحف المطبوعة. لكن مراجعة سريعة لقانون النقابة المعدل، تكشف لنا خلو هذا القانون من أية إشارة لهذه المواقع!
عضو نقابة الصحفيين فضلت عدم ذكر سمها، أكدت في حديث خاص لـ نداء الوطن أنه على الرغم من عدم وجود أية إشارة للمواقع الإلكترونية في قانون نقابة الصحفيين، إلا أن هذا لا يعني عدم اعتراف النقاية بها.
وتضيف عضو النقابة أن الاعتراف بالمواقع الإلكترونية مشروط بنقطتين: أولاً: أن يثبت الصحفي من خلال أوراق رسمية من المؤسسة أنه يعمل لديها وأهم ورقة بينهم تلك التي تؤكد انضمامه للضمان الاجتماعي، وثانيا أن يقوم الموقع الإلكتروني بدفع 1% من الإعلانات التي يحصل عليها للنقابة. إلا أن معظم المواقع الإلكترونية لا تقوم بتسجيل موظفيها بالضمان الاجتماعي، وتفضل عدم القيام بتسديد الـ1% المطلوبة منها، وبالتالي نعوود إلى المربع الأول، حيث لا يستطيع صحفي المواقع الإلكترونية تقديم طلب الانتساب للنقابة.
في كلتا الحالتين سواء اعترفت النقابة بالمواقع الإلكترونية أم لم تعترف، فإن الموظف فيها معرض في أي لحظة لأن توجه ضده تهمة انتحال شخصية صحفية، إما بسبب عدم اعتراف النقابة بمؤسسته، أو بسبب تقاعس المؤسسة بالشروط المطلوبة منها، ليكون الصحفي ضحية مرة أخرى.
أعضاء النقابة والشروط التعسفية
لم يقف حزم قانون نقابة الصحفيين عند شروط الانتساب فقط، بل زاد العقدة بالمنشار حين اشترط على المؤسسات الصحفية والإعلامية عدم استخدام أي شخص في أي عمل صحفي إذا لم يكن من الأعضاء المدرجة أسماؤهم في سجل الصحفيين الممارسين وذلك ضمن المادة 16/أ.
دكتورة التشريعات الإعلامية في جامعة البترا منال مزاهرة أكدت أن هذا البند غير مفعل في الوقت الحالي؛ لكن مع ذلك مازال بندا من بنود القانون المعمول به، حيث يستطيع مجلس النقابة تفعيله والعمل به في أي وقت يحتاج إليه.
الشروط الصارمة في بعض بنود قانون النقابة طالت أعضاءها المسجلين أيضاً، حيث يمكن أن يُنقل الصحفي من سجل الممارسين إلى سجل غير الممارسين بسبب 50 دينار تدفع سنوياً، وذلك بحسب المادة (14 أ1/). كما قد يواجه العضو هذا التحول إذا قرر أن يأخذ قسطا من الراحة لمدة تزيد عن السنة. فيجد نفسه قد تم تحويله إلى سجل غير الممارسين وذلك ضمن المادة (14 أ/2)، كما وينقل القانون العضو إلى سجل غير الممارسين إذا أقام خارج المملكة ولم يمارس العمل الصحفي مدة تتجاوز السنة. أما الحالة الوحيدة التي سمح بها القانون للعضو بالدفاع عن نفسه كانت ضمن المادة 15 والتي سمحت له بالطعن لدى محكمة العدل العليا في هذه القرارت. إلا أن مجلس النقابة قد يأخذ بعين الاعتبار الحالات الاستثنائية وفق ماصرح لنا عضو مجلس نقابة سابق فضل عدم ذكر اسمه.
في كل انتخابات نقابية، يتنافس المرشحون على “تراشق” الوعود بتعديلات جذرية في قانون النقابة بما يسهم في إنصاف خريجي أقسام الصحافة، وبما يعمل على تعزيز الحريات الصحافية والإعلامية. كما تصل هذه الوعود إلى قانون المطبوعات والنشر، والتأكيد على ضرورة منع التوقيف والحبس في قضايا المطبوعات والنشر.
الآراء عديدة لكن جميعها تتفق على الضرورة القصوى والملحة على تغير قانون نقابة الصحفيين بأغلب بنوده سواء ما ذكر منها فيما سبق أو غيرها، فحين نشأت النقابات العمالية بالتزامن مع الثورة الصناعية كان الهدف منها العمل لمصالح العمال الجماعية وحمايتهم من الاستغلال بما يضمن لهم عدالة الأجور والعمل ضمن ظروف أمنة، ليس العكس.