مقالات

نفق أم قابلة للتاريخ

سيف دعنا

بفضل أقدامكم الشريفة والمقدسة، الآن نعرف ما هي حركة التحرر الوطني الحقيقية، الآن نعرف ما هو الفدائي الحقيقي، وما هي الثورة الحقيقية، والثائر الحقيقي. لم يكن هذا الذي حفرتموه برموش العيون مجرد نفق. كان المسار الحقيقي لثورة حقيقية كان يجب ان تكون هكذا منذ البداية. فضحتم عجز التفوق التقني الاقصى في العالم بأن يكون الحل الممكن للمستكبرين لمعضلة المقاومة.

لكنكم أيضا عريتم ما كنا نحسبه ثورة ومن كنا نحسبهم ثوارا، عريتم فكرنا السياسي وعقلانيتنا السياسية التي نعرف اليوم بفضلكم أنها لم تتفق يوما مع أبسط مسلمات ما ينبغي أن يكون حركة تحرر وثورة وثوار ، وأولها أن “اسرائيل تقهر” ، وثانيها أنه خائن من تتسرب لوعيه ذرة شك بحتمية تحرير كل شبر من فلسطين، وثالثها أنه لم يوجد، ولا يوجد، ولن يوجد أبدا أي حل تقني للمقاومة، ورابعها خائن من يساوم او يفاوض على ذرة واحدة من التراب المقدس الذي حملكم الى الحرية، وخامسها أن الثورة وحركات التحرر لها حساباتها المختلفة لموازين القوى حيث يهزم الضعيف دائما القوي وتنتصر الإرادة دائما على البارود والدم على السيف.

لم يكن هذا نفق. كان خارطة الطريق التي كان يجب ان نمتلكها منذ البداية. ففي هذا النفق العظيم فلسفة الثورة ومسلماتها الحقيقية. لهذا،  كانت البداية التي قادتنا لاوسلو ورجال اوسلو وعقيدة اوسلو مزورة وكاذبة منذ البداية. كانت هذه ثورة مزورة حملت بذور اوسلو فيها منذ البداية. لهذا، نعرف اليوم أننا عشنا لاكثر من سبعين عاما وهم كارثي أن لدينا ثورة، وأننا حركة تحرر. أي حركة تحرر هذه التي تصل لاوسلو؟  أي حركة تحرر هذه التي تنسق امنيا مع العدو؟ اي حركة تحرر هذه التي تفتش حقائب أطفال المدارس بحثا عن ما يمكن أن يهدد سلامة وامن المستوطنين؟

لم يكن هذا نفق. لقد حفرتم مسار الثورة الحقيقية. هزمتم الخيار التقني الأقصى في العالم. فضحتم وعريتم الثورة المزورة والثوار المزورين. ما بعد النفق لن يكون كما قبله… لن يكون، لأنكم قابلة تاريخ فلسطين الجديد الذي لن يتوقف حتى يخرج آخر واحد منهم من أرضنا، أو يلقى حتفه عليها.

أقسم أن حفر ذلك النفق أصعب حتى من تحرير فلسطين، ومن يفعل الأول لن يعجز في الثاني. نعرف الآن، بفضل أقدامكم المقدسة، كم هو سهل تحرير فلسطين لمن قام بحفر نفق كهذا. ولهذا، ليس مهما ان اعتقلوا أبطالنا لأننا نعرف، ونحن على ثقة الآن أنهم حتما سيتحررون – لا تخدعنكم دعاية الصهاينة البائسة التي تحاول ان تساوي بين ما تعتبره “انجاز” باعتقال من قاوم وكان على استعداد للشهادة وليس فقط للإعتقال وبين الإنجاز التاريخي الهائل لأبطالنا. ففي هذا النفق واجه ست أبطال عزل( بالمعنى الحرفي للكلمة) إلا من الإرادة الثورية الحقيقية كل العالم وبعض العرب وبعض الفلسطينيين الذين يقفون خلف كيان الصهاينة ماديا وتقنيا وأمنيا وهزموهم جميعا ليثبتوا لنا بحفرهم ذلك النفق المستحيل كم هو ساذج وسخيف (حتى لا نقول خائن) من شكك ويشكك ولو للحظة بحتمية تحرير كل شبر من فلسطين وخروجهم جميعا من أرضنا وعودتهم من حيث اتوا.

يا لهذا الشرف العظيم.. لقد عشنا زمن النفق، ورأينا الأبطال محمود، محمد، يعقوب، أيهم، مناضل، وزكريا يقتحمون التاريخ (حرفيا) ويفتحون لنا باب الثورة الحقيقية وحركة التحرر الحقيقية التي لا تستسلم للتفوق التقني الأقصى، بل تسحقه، ولا تيأس من خيانة الخونة بل تفضحهم وتعريهم وتمضي تقاوم.

من هذا النفق العظيم سيعود شعبنا للتاريخ الذي اخرجتنا منه عصابة اوسلو.

هؤلاء الأبطال هم قابلة مسار تاريخي بدأ ولن يتوقف إلا بفلسطين حرة عربية. خليكوا شاهدين.

بواسطة
سيف دعنا
المصدر
وكالة القدس للأنباء
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى