نعم للانتماء الفكري للطلبة
لا أعرف فيما إذا كانت الجامعة الأردنية راضية من أن ثلثي طلبتها “لا ينتمون لأي اتجاه فكري معين”، وان نصفهم لا يهتم بالسياسة، وفق ما اظهرته دراسة “طلبة الجامعة الأردنية: الخصائص والقيم والاتجاهات”، التي أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة وأعلنت الأربعاء الماضي.
لكن، هذه النتيجة من وجهة نظري ليست جيدة، فعدم اهتمام غالبية طلبة الجامعة الأردنية بالاتجاهات الفكرية والسياسية يثير الاستغراب وايضا يدعو للتفكير والتمحيص بالأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة. فكما هو معروف تاريخيا، وفي مختلف الدول المتقدمة وغير المتقدمة، أن الاهتمام بالآراء السياسية والانتماءات الفكرية يبدأ بشكل ناضج في الجامعات التي تعتبر مختبرا وساحة لتشكيل الموقف السياسي للشباب والتي على ضوئها تبنى الشخصية المستقبلية فكريا وسياسا واجتماعيا. إن هذه النتيجة، تثبت أن غالبية طلبة الجامعة الأردنية لا تهتم بالسياسة والاتجاهات الفكرية، فيا ترى بماذا يهتم هؤلاء الطلبة اذا؟
طبعا، هذه النتيجة ليست حكرا على طلبة “الأردنية”، فلو اجريت دراسات في باقي الجامعات الأردنية الرسمية والخاصة، فستكون النتيجة مماثلة لنتيجة دراسة “الأردنية”. طبعا، لا يعني عدم اهتمام غالبية الطلبة بالسياسة والانتماءات الفكرية، أن أوقاتهم جلها تذهب للتحصيل العلمي، فالواقع يثبت أن ذلك ليس صحيحا، وأن اهتمامات الطلبة ليست محصورة بالتحصيل العلمي، وإنما هناك أشياء أخرى كثيرة، منها أشياء غير مفيدة وضارة بالطلبة.
فلا يجب، أن يفرح البعض، من هذه النتيحة، بل على العكس، إنها مدعاة للتفكير والبحث والسؤال. فالأفكار والتوجهات السياسية تصلّب الطالب، وتدفعه إلى تعزيز أفكاره وتوجهاته، وتنعكس في المستقبل على أدائه في المجتمع. فالطالب الذي تمرّس، أو كانت له تجارب سياسية سيكون بالضرورة قادرا على مواجهة التحديات التي ستواجهه في المستقبل. كما أنه سيكون مفيدا لمجتمعه ووطنه. إن الكثير من الدراسات تؤكد، أن الانخراط في العمل السياسي والفكري في مرحلة الشباب يساهم في تحصين الشباب وتطوير توجهاتهم في المستقبل.
إن هذه النتيجة، يجب، أن تثير تساؤلات كبيرة وخطيرة أيضا لدى القوى والحركات والأحزاب السياسية، إنها تؤشر على فشلهم في ساحة رئيسة لهم. وتعني، أنهم فشلوا بالوصول إلى فئات قادرة على تعزيز عملهم على كل الأصعدة. ومن الضروري، أن تعيد هذه القوى السياسية النظر ببرامجها وأنشطتها الموجهة للشباب، وأن تعترف بأخطائها، ولا يجوز هنا، أن تتعذر بالعقبات الرسمية لعدم وصولها للطلبة، فمهما كانت العقبات، فالأحزاب يجب أن تكون قادرة على معالجتها وتجاوزها، إذا كانت فعلا، لديها البرامج والأهداف الصحيحة.