نداؤنا

نداؤنا محاربة الفساد .. إلى أين ؟؟

من المؤكد أن شعار محاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين الذي رفعته الجماهير الأردنية في كافة أماكن تواجدها، وأصرت على استمرار رفعه منذ بداية الحراك الشعبي، أمر بالغ الدلالة والأهمية وله ما يبرره. فالفساد آفة خطيرة بات يشكل اتساع حجمها ودائرتها خطراً حقيقياً يهدد التنمية والمجتمع الأردني.
إن أخطر ما ولّده الفساد هو ما أصاب أخلاقيات العمل وقيم المجتمع من خلل، وما ولّده من حالة ذهنية تبرر الفساد وتشجع على الكسب السهل.
لقد سعى الفاسدون على إضعاف هيبة القانون من خلال نفوذهم وقدرتهم على تعطيله وتجاوزه، وسعى أرباب الفساد الى إزالة الحواجز بين المال الخاص والمال العام، وغيّبوا الحدود بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة. وخلق الفساد حالةً من التوزيع غير العادل وغير الشرعي للدخل، قاد هذا إلى تبدلات اجتماعية فجائية في المجتمع.
ومن الجدير ذكره أن ممارسات الفساد ليست ممارسات فردية، بل تحولت إلى أطر وشبكات، وأصبح الفساد مؤسسة متكاملة لهذا نفوذها وأذرعها، وبالتالي أصبحت مواجهتها أكثر صعوبة من ذي قبل.
لقد أدرك الحراك الشعبي الأردني الارتباط الوثيق بين الفساد ومخاطره على المجتمع والاقتصاد، وبين عملية الإصلاح، لذلك كانت رؤية الحراك منذ البداية، أن محاربة الفساد تعتبر ركناً ضرورياً لإتمام عملية الإصلاح.
من هنا، فإننا نرى أن الحملة الراهنة التي تقوم بها الحكومة ضد الفساد وبعض رموزه بقدر ما هي استجابةً جزئية لمطلب الحراك الشعبي، فإن مخاوف حقيقية تنتابنا من أن يقود هذا الصخب الإعلامي إلى حالة من احتواء المطلب المتمثل بحرب شاملة ضد الفساد.
إننا نرى أن النجاح في محاربة الفساد يتطلب توفير منظومة متكاملة من الشروط أولها توسيع رقعة الديمقراطية، وتوسيع دائرة المساءلة والرقابة من قبل السلطة التشريعية ومنظمات المجتمع المدني، وتوفير أكبر درجة من الشفافية في الكيفية التي يتم بها إبرام العقود والعطاءات، وآليات صرف المعونات والهبات. وثانياً إجراء إصلاحات إدارية ومالية من شأنها وضع حد للتداخل بين الوظيفة العامة والوظيفة الخاصة. وثالثاً توفير التشريعات القانونية الضامنة لاستمرار محاربة الفساد والفاسدين.
وغنيٌّ عن القول، أن إصلاح الأجور والرواتب وتوفير العيش الكريم، من شأنه أن يعزز حصانة الموظف في مواجهة محاولات الإفساد والمفسدين.
بهذه المتطلبات، نضمن النجاح في الحرب على الفساد وتقديم الفاسدين إلى العدالة..

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى