نداؤنا: محاذير مؤتمر وارسو
في زيارته الأخيرة للمنطقة، عمل مايك بومبيو وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية على التحشيد للمؤتمر الذي تتهيأ الإدارة الأمريكية لعقده في وارسو يومي 13 و 14 من شباط المقبل.
وعلى الرغم من أن الشعار الذي سينعقد على أساسه المؤتمر «السلام والأمن في الشرق الأوسط» إلا أن جميع المدعوين يعرفون أن أعمال المؤتمر في المجمل ستدور حول بناء أوسع تحالف ضد إيران ومواجهة ما يسمونه «نشاطات إيران التي تزعزع أمن المنطقة واستقرارها». لقد عبر عن هذا الموضوع بومبيو في الدوحة في 14/1/2019 عندما أشار إلى عقد قمة عالمية تسعى إلى تحالف يدفع إيران لتتصرف بصورة لائقة حسب زعمهم! وقد أعلن الوزير البولندي عن توجيه الدعوة لــ(70) دولة.
ومن الجدير ذكره أن دولًا كثيرة ستقاطع المؤتمر، وأن دولةً كبيرةً مثل روسيا أعلنت امتناعها عن المشاركة، وذلك بسبب تجاهل المؤتمر للقضية الفلسطينية التي تعتبر لب الصراع في المنطقة، ولأن الولايات المتحدة تريد إعطاء أجندتها الخاصة طابعاً دولياً، وهذا ما صرح به وزير الخارجية الروسي بريماكوف.
الولايات المتحدة، وكما يظهر تبدو ماضيةً في تشديد العقوبات الإقتصادية والسياسية على إيران ولكنها في الآن ذاته تريد دفع الغير للمواجهة مع إيران، لذلك فإنها تعمل على دفع العرب للتطبيع مع الكيان الصهيوني تحت ذريعة استعداد اسرائيل للمشاركة في مواجهة إيران.
بهذه الرؤية تكون الولايات المتحدة حققت نجاحاً في مخططها باسدال الستار على الحقوق الفلسطينية وتحقيق التطبيع، بل إن الحديث المتكرر عن صفقة القرن ليس إلا مدخلاً للتطبيع الرسمي العربي مع الكيان الصهيوني والتصفية للقضية الفلسطينية.
ضمن هذا الفهم تم تصميم مؤتمر وارسو كي يشارك فيه العرب والاسرائيليون وتحقيق التطبيع الجماعي تحت شعار مواجهة الخطر الإيراني المزعوم.
ويبدو واضحاً أن أهداف هذا المؤتمر هو خلق إجماع دولي يدعم أمريكيا في مواجهة إيران، ولكن المسألة الأخطر هي توريط الدول العربية في مواجهةٍ مفتوحة مع إيران لن يكون مستفيداً منها سوى «إسرائيل».
وإذا كانت أهداف هذا المؤتمر جملةً وتفصيلاً هي خدمة «إسرائيل»، فإن من حقنا أن نتساءل عن جدوى المشاركة العربية في هذا المؤتمر والمشاركة الأردنية تحديداً وعن الأسباب والمصلحة الوطنية والقومية من هذه المشاركة.
منذ فترة والولايات المتحدة تسعى إلى حرف أنظار العرب عن عدوهم الحقيقي وخلق عدو وهمي لهم، وكانت دوماً ما أن تنطفئ نار في هذا الوطن العربي حتى تسارع الولايات المتحدة إلى إشعال نار جديدة تنشغل فيها شعوبنا وأقطارنا العربية.
الأمر الذي يدفعنا للتأكيد على أن دولنا العربية لا تزال أمامها فرصة لتدارك الموقف وعدم الانصياع للرؤية الأمريكية، التي لن تقود في محصلتها إلا إلى تسيد الكيان الصهيوني وتفكيك أقطارنا العربية وضرب أمننا القومي.