لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مقالات

نداؤنا: القوانين الإصلاحية.. ودور الحكومة/ د.سعيد ذياب

جاءت حكومة الدكتور عبدالله النسور وسط حراك شعبي أردني واسع، يطالب بالإصلاح السياسي والاقتصادي ومحاربة الفساد، ووضع الأسس لبناء الأردن الديمقراطي الحديث. وبدلاً من الاستجابة لمطالب الناس وتقديم رؤيتها للإصلاح، فإنها سرعان ما أحدثت استدارة كاملة عن خط السير العام للبلاد، لتؤسس لردة واضحة المعالم عن العملية الإصلاحية.

وإمعاناً في الردة عن العملية الإصلاحية، وتكريساً لها، فقد عبّرت الحكومة عن هذه الردة من خلال التضييق على الحريات العامة والحرية الإعلامية. وفي هذه الأيام، حيث يقترب مجلس النواب من سنته الأخيرة، تقدمت الحكومة بمشروع (قانون البلديات واللامركزية) وكانت قد قدمت قانوناً للأحزاب تم إقراره في الدورة العادية للمجلس. وتتردد الأخبار أن مشروع قانون للانتخابات، سيجري تقديمه في نهاية هذه الدورة الاستثنائية.

لقد دلل مضمون هذه القوانين فعلاً عن خط سير الحكومة الارتدادي، وإمعانها في وضع الأسس القانونية لديمقراطية مقيّدة في البلاد. وإلا كيف لنا أن نفهم قانون البلديات الذي بدلاً من أن يعزز صلاحيات المجالس البلدية ودورها في الحكم المحلي، راح هذا القانون يزيد وبشكل كبير من صلاحيات الوزير على حساب المجلس البلدي ورئيس البلدية. وتصر الحكومة على تعيين الأمين للعاصمة بدلاً من انتخابه من قبل أبناء مدينة عمان، وتعيين ربع أعضاء مجلس الأمانة، وينطبق نفس الشيء على إقليم العقبة ووادي موسى.

أمام هذه الصورة، من حقنا أن نتساءل، أي مشاركة شعبية هذه، وأي تمثيل ديمقراطي هذا الذي يتم فيه مصادرة حق الناس باختيار ممثليهم.

أما قانون الأحزاب الذي تم إقراره، فللأسف الشديد من يقرأ هذا القانون، سيجد أن هذا ليس قانوناً لتنظيم العمل الحزبي، بل هو قانون للعقوبات على العمل الحزبي. حيث  لم يحدث أي تغيير في الجوهر عن مضمون القانون الذي كان نافذاً.

وقانون اللامركزية فهو ليس إلا قانون شكلي، لا يتجاوز حدود إعطاء صلاحيات إدارية ومحدودة. وتكمن خطورته بعد كل ذلك أنه في ظل غياب الشفافية وحرية الرأي على المستوى الوطني، فإن اللامركزية ستصبح في هذه الحالة ساحة للفوضى واستشراء للفساد.

إن خطوة اللامركزية يمكن لها أن تحقق الأهداف الديمقراطية المرتجاة، لو كانت نتاج سياسات ديمقراطية شاملة على مستوى المركز، بحيث يتم تتويجها بهذه الخطوة (اللامركزية) أما والحال هكذا، فإنه يكون كمن يسير في الاتجاه المعاكس.

ويبقى القانون المشكلة، قانون الانتخابات، الذي يعتبر بحق حجر الرحى في أي عملية إصلاحية، وعلى أساسه يتحدد حجم المشاركة الشعبية، ومدى حضور القوى الحزبية، ومستوى وفعالية مجلس النواب في الرقابة والتشريع. بل إن هذا القانون هو الذي يحدد طبيعة العملية الانتخابية من مباراة ديمقراطية يحتكم الناخبون في خياراتهم على أساس البرامج الانتخابية، أو على أساس العلاقات الفردية والشخصية.

إن اللافت للنظر وما يرشح من أخبار، فإن الحكومة لا تزال محكومة في تفكيرها وأسلوب عملها لقوى الشد العكسي، ولم تبذل جهداً ولو محدوداً لتعليل هذا القانون باتجاه مبدأ التمثيل النسبي.

إننا نعتقد أن الحكومة بهذا النهج، تلعب دوراً معيقاً للإصلاح من خلال إدارة ظهرها لكل المتغيرات الوطنية والإقليمية، وتتقاعس عن بذل أي جهد لصالح قراءة هذه المتغيرات والتعامل معها بإيجابية. 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى