نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى

لم يترك نتنياهو أي ساتر لعورة المشروع الصهيوني، كمشروع استعماري استيطاني توسعي، عندما عبّر وبوضوح شديد عن حلمه وإيمانه بـ”إسرائيل الكبرى”. هكذا، وبكل صلف، عبّر عن طموحاته القديمة منذ الحركة الصهيونية التصحيحية التي قادها جابوتنسكي في عشرينيات القرن الماضي.
لا تكمن المشكلة في هذا الكشف المفاجئ، وخاصة بالنسبة للحكام العرب الذين تسلّل إلى قلوبهم وعقولهم وهمُ السلام مع هذا الكيان، فسارعوا مهرولين لتوقيع اتفاقيات سلام معه، وراحوا يقدمون له الهدايا والعطايا، ويستقبلونه في عواصمهم. بل إنهم تساوقوا مع الكيان في سياساته التي تستهدف المقاومة، ووصلوا حدّ التشارك في تجريدها من سلاحها، وأشغلونا بمقولاتهم التافهة من أن سلاح المقاومة انتقاص لسيادتهم، وكأن لهم سيادة!
هذه الأمة، ذات التاريخ العريق، أمام استحقاق النهوض والتخلص من ترهّلها وضعفها وهوانها. وعلى شعوبنا أن تستعد للقيام بواجبها، وأن تتيقن أن للحرية ثمناً، وعليها أن تتهيأ لدفعه.
ما يقوله نتنياهو ليس مجرد رأي لأقلية، بل يعكس مزاجاً إسرائيلياً يميل أكثر من نصفه نحو اليمين المتطرف.
وما يثير الاستغراب أن هذا الغرب، بعلمانيته وحداثته وما أنجزه من فلاسفة، غارق في إيمانه بهذه الغيبية، وهو يوافق الكيان على وعود “يهوه” – رب اليهود – لإبراهيم بالأرض من النيل إلى الفرات، وأن إقامة هذه الدولة ستعجّل بعودة المسيح.
نحن أمام تضليل عالمي، يضع هذه الغلالة الأسطورية على جوهر المشروع الصهيوني الاستعماري، بقصد تسويقه وتبرير جرائمه.
لقد رُسم حاضرنا ومستقبلنا، منذ بدايات القرن الماضي، على يد بضعة رجال، بدءاً من تشرشل – الذي وصفه والده بأنه لا يصلح لشيء – مروراً بسايكس وبيكو، وانتهاءً بلورنس.
وبقدر ما نشعر بالقلق من هذه المرحلة، فإن شعوبنا، إذا حزمت أمرها وتخلّصت من أوهامها، أعتقد أن أبواب التغيير والمجد ستُفتح أمامها. وإذا أدركت القوى السياسية المنظمة والمثقفون دورهم وما هو مأمول منهم، فسوف ينكفئ المتخاذلون، وسيعود لشرقنا ملامحه الحقيقية.