مقالات

نتنياهو: لم نقلّص نشاطنا العسكري في سوريا/ بقلم: حلمي موسى

لقاء أمني إسرائيلي ـ روسي بعد نشر «اس 400»

اعترف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو علناً بأن جيشه «يعمل أحياناً في سوريا من أجل منع نقل أسلحة». وليس صدفة أن اعتراف نتنياهو العلني هذا، جاء بعد تكرار الأنباء عن غارات جوية تنفذها إسرائيل ضد أهداف على الأرض السورية. ومن الملاحظ أن هذا الاعتراف جاء أيضاً بعد لقائه في العاصمة الفرنسية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإعلانه عن اتفاق جديد على لقاء بين قادة إسرائيليين وروس من أجل تعزيز التنسيق بين الطرفين.
وفي مؤتمر الجليل المنعقد في مدينة عكا، أعلن نتنياهو «أننا نعمل في سوريا بين حين وآخر، ونحن نعمل من أجل منع تحويل سوريا إلى جبهة ضدنا». وقال إن إسرائيل تفعل ذلك من أجل «منع نشوء جبهة ضدنا، وأيضاً من أجل منع نقل أسلحة فتّاكة من سوريا إلى لبنان». وهذا من بين الأقوال النادرة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بشأن عمليات جيشه في سوريا. ومعروف أنه في الشهر الأخير فقط، تحدثت وسائل الإعلام عن غارتين إسرائيليتين على مواقع في سوريا يعتقد أنها لـ «حزب الله».

وأشار نتنياهو إلى لقائه مع بوتين والتنسيق العسكري مع روسيا، موضحاً أن «الاحداث الأخيرة توضح مدى أهمية هذه العلاقة». وقال عن قمة المناخ إنه «عندما تلتقي مع أكثر من مئة زعيم من أرجاء العالم، توصف إسرائيل بأنها دولة معزولة ومنبوذة. ليس ثمة ما هو أكثر نقيضاً من ذلك، مما خبرته هناك». وذكر بأنه اجتمع في باريس مع الرئيسين الأميركي باراك أوباما و الروسي بوتين ورئيس الحكومة الهندية نارندرا مودي وزعماء آخرين من كل القارات.
واعترف نتنياهو مع ذلك «بوجود مشكلات لنا خصوصاً مع مؤسسة الاتحاد الأوروبي. لدينا سجال حول الشأن الفلسطيني مع قسم من الدول، خصوصاً دول عدة في غرب أوروبا وفي مؤسسة الاتحاد. هناك قطيعة معينة، وهم يظنون أن القطيعة مع الفلسطينيين هي نزاع إقليمي، ولكنها ليست هكذا. إنه على وجودنا ذاته، ولكن معظم الزعماء، حتى في أوروبا، يفهمون ذلك».
ورغم أن نتنياهو التقى مع عدد من قادة الدول في باريس على هامش قمة المناخ، إلا أن الإسرائيليين اعتبروا أن لقاءه الأهم كان مع الرئيس الروسي، الذي خصص أساسه لمناقشة الوضع في سوريا. وفي مستهل اللقاء بين الرجلين، أشارا إلى آلية التنسيق بين إسرائيل وروسيا، التي وصفها بوتين بأنها «تعمل بنجاعة» لمنع وقوع الأخطاء. واستغل نتنياهو عواقب اسقاط تركيا للطائرة الروسية ليقول إن «أحداث الايام الأخيرة تثبت مدى أهمية آلية التنسيق بيننا ومحاولاتنا للتعاون من أجل منع حوادث غير مرغوب فيها ومأساوية. وأنا أعتقد أننا أفلحنا في فعل ذلك، وهذا مهم».

وشدد نتنياهو على أن التنسيق مع روسيا جوهري في محاربة ما وصفه بـ»الإرهاب الإسلامي». وقال «نحن في معركة ضد الإسلام المتطرف وضد البربرية والإرهاب التي يشيعها. وآمل أن روسيا وإسرائيل يمكنهما التوافق على كل القضايا الاستراتيجية، وبوسعي التأكيد أن بوسعنا تحقيق تنسيق أفضل في البر والجو حتى لا تنشأ المشكلات ذاتها التي رأيناها». وخلص إلى «أنني راض عن التنسيق الناجح بين جيشينا، وسنواصل فعل ذلك. وهذه إشارة لانفتاح ونجاح منظومة العلاقات بيننا».

وبعد اللقاء، أبلغ نتنياهو الصحافيين المرافقين له أن ضباطاً كباراً إسرائيليين وروس سيجتمعون الثلاثاء (أمس) للبحث في توثيق التعاون والتنسيق بشأن النشاطات في سوريا. وقال إن اجتماعه مع بوتين، الذي استمر 45 دقيقة، تم فيه الاتفاق على «تعميق التنسيق العسكري بيننا لمنع وقوع أخطاء ولفعل ذلك على نطاق واسع». وأشار إلى «أننا نريد تعميق التعاون من أجل منع أي اصطدام في سماء سوريا».

وبحسب ما قال نتنياهو للصحافيين، فإنه أبلغ بوتين أن إسرائيل «لن تتحمل هجمات ضدها من الأراضي السورية وستواصل العمل لإحباط نقل أسلحة لحزب الله من سوريا». وأكد أنه «رغم العمليات العسكرية الروسية في سوريا ونشر منظومات إس 400، فإن هذا لم يدفع إسرائيل لتقليص نشاطها». وأضاف: «قلت لبوتين إننا سنواصل حماية مصلحتنا في مواجهة كل اعتداء، وأعتقد أنه يفهم ووافق على ذلك».

وقال نتنياهو إن بوتين أطلعه على تفاصيل اسقاط تركيا للطائرة الروسية، مشيراً إلى أهمية معرفة «أن هناك علاقات خاصة تخدم مصالحنا القومية». وأشار إلى أنه «ينبغي فقط تخيل الوضع الذي كنا سنقع فيه لو كنا في صدام مع هذه القوة العظمى. لا شأن لنا ولا لروسيا في مواجهة كهذه. نحن نبذل أقصى الجهد لتجنب ذلك».

وبالفعل، استضاف نائب رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال يائير جولان نظيره الروسي في لقاء عمل بقصد توسيع التنسيق بين الجيشين في سوريا. ويشكل هذا لقاء العمل الثالث بين القائدين العسكريين منذ اللقاء الأول لنتنياهو وبوتين في موسكو حول هذا الموضوع. ومعروف أن هذه اللقاءات تتسم بأهمية بالغة، وهي لا تقتصر على القائدين العسكريين، بل يصحب كل منهما طاقم متخصص. ولكن لقاء التنسيق هذا يتسم بأهمية كبيرة، خصوصاً بعد نشر منظومة «إس 400» التي تغطي أغلب الأجواء الفلسطينية. ومن المؤكد أن عواقب نشر هذه المنظومة والقيود التي تفرضها على سلاح الجو الإسرائيلي تشكل النقطة الأهم في المحادثات الجديدة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى