مقالات

ناغورنو كاراباخ و”إسرائيل” والأزمة السورية/ بقلم: مداليا العفوري

تسعى كل من أذربيجان وأرمينيا للسيطرة على إقليم ناغورنو كاراباخ والذي يُعد من الناحية الجغرافية تابعاً لأذربيجان، بل إنه يقع في قلبها، ولكن من الناحية الديمغرافية فإن الأرمن (غالبيتهم من الأرثوذكس) يشكلون ما نسبته 95% من السكان، فيما لا تتجاوز نسبة الأذريين الــ 5% (السواد الأعظم من المسلمين الشيعة) وأعراق أخرى.

يعتبر إقليم ناغورنو كاراباخ تاريخياً من أكثر المناطق التي شهدت حروباً، حصد الصراع بين أرمينيا وأذربيجان على الإقليم الآلاف من القتلى وتشريد حوالي مليون. ولا تزال الدولتان في حالة من الصراع وعدم الاستقرار رغم العديد من الاتفاقيات لوقف إطلاق النار. ويشعر الأرمن بالغضب والاستياء من جراء ضم الإقليم إلى أذربيجان التي ينحدر مواطنيها من أصول تركية ولم يكن الأرمن لينسوا المجازر والمذابح التي تعرضوا لها على يد الأتراك من (1813-1915).

المصلحة في زمن التحولات

لم يعد التنافس ذو سمة أيدولوجية في تلك المنطقة، بل أصبح التنافس على المصالح يأخذ طابع الصراع والتعاون والذي يدخل في نطاق اللعبة غير الصفرية التي تتقاسم فيها القوى المتنافسة المكاسب والحصص وكل حسب إمكانياته وقدراته.

فعلى الرغم من أن أذربيجان من الأغلبيه الشيعية، إلا أنها تحظى بدعم من تركيا (السنية) وذلك لاعتبارات جغرافية وتاريخية تتمثل بوجود تجمع أذربيجاني قوي داخل الأراضي التركية، وقد عملت على نسج علاقات صداقة وتعاون مع أذربيجان ودعمها ومساندتها في نزاعها مع أرمينيا.

وتجدد الصراع في إقليم ناغورنو كاراباخ يتيح الفرصة لتركيا للعب دور أكبر على الساحة الدولية في الوقت الذي تراجع دورها كلاعب أساسي  في الصراع في سوريا.

أما أرمينيا التي يدين غالبية سكانها بالمسيحية، فإنها تحظى بدعم من إيران (الشيعية)، وذلك لاعتبارات تاريخية ومصالح جيوسياسية. وقد عملت إيران ضد أذربيجان منذ استقلالها عام 1991، ويرجح البعض السبب وراء العداء لأذربيجان في الخوف الإيراني من النزعة القومية الأذرية التي قد تثير المجتمع الأذري داخل إيران نفسها حيث يشكل هؤلاء ما يقارب ثلث سكان البلاد.

وهنالك روسيا التي تعتبر هذه الدول جزءً رئيسياً من أمنها القومي، ودائماً ما يلعب الروس دور الوسيط بين الطرفين وتدعو باستمرار لضبط النفس، إلا أن أرمينيا تعتبر حليفاً طبيعياً لها.

جبل من جليد 90% منه متوار تحت الماء وبعيداً عن أعين الدخلاء

“إسرائيل” التي تبعد آلاف الكيلومترات عن هذه المنطقة، تعتبر لاعباً رئيسياً فيها. فالصهاينة دائماً ما يصفون علاقتهم بأذربيجان بأنها كجبل الجليد المتواري عن الأنظار. حيث يعتبر الصهاينة صف إسرائيل أذربيجان حليفاً إستراتيجياً، خاصة بعد أن أصبح مصدر النفط الأساسي لها بعد إنشاء أنبوب نفط يمر من جورجيا وتركيا، حيث تزود الكيان الإسرائيلي بحوالي 40% من استهلاكها السنوي.

عسكرياً تزود “إسرائيل” أذربيجان أنواع متطورة وحديثة من الأسلحة خاصة في صراعها مع أرمينيا، إضافة إلى التقنيات التي لا تستطيع الحصول عليها من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بسبب القيود القانونية.

كما أن الموقع الإستراتيجي لأذربيجان القريب من الحدود الإيرانية، يجعل أهميتها مضاعفة بالنسبة لــ “إسرائيل” التي تسعى لتعزيز أنشطتها الاستخباراتية هناك.

استمرار الصراع في ناغورنو كاراباخ يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في منطقة القوقاز الحيوية بالنسبة للروس، ما قد يؤدي إلى تراجع للدور الروسي في الأزمة السورية. الأمر الذي يصب في مصلحة أمريكا وتركيا وبالتأكيد “إسرائيل”.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى