من يحدد المصلحة الوطنية؟
التطورات السياسية والعسكرية التي شهدتها المنطقة وما شاهدناه من مواقف وتحالفات واصطفافات أثارت العديد من التساؤلات عن محددات المصلحة الوطنية، وكيف نفهم المصلحة الوطنية؟
أعتقد أن المصلحة الوطنية بمثابة القوة الدافعة والناظمة للسياسة الخارجية، وهي وبشكل أو بأخر تعبر عن الأهداف والطموحات السياسية والاقتصادية والثقافية للدولة.
لكن الأمر المؤكد أن هناك مرتكزات للمصلحة الوطنية تنطلق من الجغرافيا والديمغرافيا والتاريخ والثقافة ومن دستور الدولة.
ولو دققنا في دساتير الدول العربية نجد أن جميعها تؤكد بأن شعوبها جزء من الأمة العربية، وجميع الدول موقعة على اتفاقية الدفاع المشترك والتي تشير على أن أي عدوان على أي دولة موقعة يعتبر عدوانا على جميع الدول.
هذه الاتفاقية تم تجاهلها فيما العدو الصهيوني يمارس حرب الإبادة ضد الفلسطينيين في غزة والضفة، ولكن يا سبحان الله التزموا بمعاهداتهم مع الكيان الصهيوني ووفروا له كل أشكال الدعم والإسناد ضد الضربة الإيرانية وسمحوا لأجوائنا العربية أن تكون مسرحا للطائرات الغربية و”الاسرائيلية”.
هذا الحال يدفعني للتساؤل أين تكمن المصلحة الوطنية لتواجد القواعد في عموم الأقطار العربية؟! وأين هي المصلحة في دخول تلك الدول العربية في تحالف عسكري مع الكيان أو التعاون معه لتشكيل حائط صد لصالح الكيان وهو ما عبر عنه العدو وأشار لتلك الدول بالإسم؟!!
إن المصلحة الوطنية يجب أن تنطلق من أن المبدأ الأعلى تأمين البقاء للدولة ومؤسساتها، يقودني هذا إلى السؤال هل التحالف مع العدو يمكن أن يؤمن البقاء للدول؟! وهل هناك إجماع على هذه الرؤية؟! أم أن تحديد المصالح يتم بدون أساس وطني أو قومي؟!!!
يبرز الخلاف حول تحديد المصلحة الوطنية عند تحديد الموقف السياسي بدون أساس أو مرجعية وطنية أو قومية.
هذا الخلاف يقود إلى استخدام تعسفي لمفهوم المصلحة الوطنية لصالح رؤية للأقلية.
عندما تراجعت التزامات الدول العربية عن تعهداتها للجامعة العربية سيطر الفهم الإقليمي ورويدا رويدا بدأت الدول تتفلت من انتمائها للأمة العربية وذهبت تبرر لنفسها كل تحالفاتها الجديدة وتخليها عن عمقها العربي.
أعتقد أن هذه الدول تسير في درب خطير وعليها المسارعة لإعادة النظر في مسارها وإلا فهذا الحال لن يستمر.