من أجل وقف التحريض على المعلمين / حاتم استانبولي
إضراب المعلمين في الأردن أصبح يخضع للمزاد، والبعض بدأ يدلو بدلوه حوله والتحريض حول مشروعيته، وبدل أن تطرح الحكومة خطة شاملة لإنهاء أزمة التعليم العام والخاص وتلغي الفوارق بينهما، من خلال سياسة عامة عادلة ومتساوية تعطي أولوية لرفع مستوى التعليم من خلال تغيير شامل يتماشى مع التطور العلمي ويلبي احتياجات سوق العمل والخروج من حالة الفوضى التعليمية واعتبار أن التعليم ضرورة اجتماعية تتلاقى فيها الرغبة والإمكانية مع احتياجات سوق العمل، تعمل الحكومة من خلال تصريحاتها على تأزيم الوضع.
تصريح رئيس الوزراء حول ربط العلاوة على الراتب بمستوى أداء المعلم أو اقتراح وزير التعليم أن العلاوات يجب أن توزع حسب المراتب التعليمية، واقتراح أحد الوزراء السابقين إعطاء قيمة مقطوعة للمعلم، كل هذا يدرج تحت عنوان التضليل مترافقًا مع حملة تحريضية على المعلمين لإظهارهم على إنهم ليسوا حريصين على رسالتهم التعليمية.
إن تحريض الأهالي على المعلمين سياسة ليست حكيمة، ولها انعكاسات مستقبلية سلبية على علاقة المعلم بتلاميذه ومجتمعه. الواضح أن المدارس الحكومية هي التي يعاني معلموها وطلابها من الإهمال الحكومي، هذه المدارس التي تحتضن أبناء الفئات الأقل دخلًا في المجتمع، وفي ظل التدهور المعيشي، أصبح الانتقال من المدارس الخاصة للعامة هي سمة تعكس حالة تدهور الوضع المعيشي العام .هنا يجري الحديث عن نسبة غير قليلة من الطلبة وجميعهم ينتمون إلى الفئات الأكثر فقرًا في المجتمع.
الصورة توضح أن المعلمين الفقراء يدرسون الطلاب الفقراء وسياسات الحكومة الإفقارية لا تعنيها كثيرًا هموم الفقراء، ولا حتى أكثرية البرلمانيين الذين وظفوا مقاعدهم البرلمانية من أجل تمرير مصالح شخصية ضيقة على سبيل المثال (الضمان).
يتجلى عدم اهتمام الحكومة من خلال تصريحات رئيس الوزراء، الذي يربط العلاوات بأداء المعلمين، ماذا يعني هذا؟
هو يشكك في أداء المعلمين، ويعتبر أنهم لا يقوموا بواجبهم التربوي والتعليمي، أو أن قصورا يشوب أدائهم، وهذا فيه تحريض على المعلمين .أداء المعلمين يحكمه السياسة التعليمية التي تضع الضوابط والمعايير التقييمية لأداء المعلمين، هذا التقييم معياره النتائج الدراسية .كما أن أدائهم مرتبط بتوفير بيئة متكاملة للتعليم؛ تبدأ بالمنهج التعليمي وسياسة التقييم التي ترتبط بضرورة وجود خطة تعليمية لكل مرحلة من مراحل التعليم، يقيم على أساسها أداء المعلم، من خلال مستوى الطلبة الذي معياره الخطة التعليمية لوزارة التعليم .هذا يعني أن ربط العلاوة بالأداء في حد ذاته تضليل والتفاف على حقوق المعلمين.
مفهوم الرئيس لمستوى الأداء يرتبط بالدرجات التي تحدث عنها وزير التعليم (يفسر تصريح رئيس الوزراء)، والذي ربط نسبة العلاوة بمرتبة المعلم، على أن لا تتعدى نسبة محددة لا تلبي الاحتياجات المعيشية للمعلم، هذا الحل الذي رفض من قبل ممثلي المعلمين .
الأساس أن المعلمين يريدون العلاوة ليس للرفاهية، إنهم يريدون العلاوة من أجل استمرار عيشهم بكرامة؛ أي هي ضرورة لسد قوت يومهم .كما الأساس النظر للمعلمين واحتياجاتهم على إنها احتياجات إنسانية لتلبية حياة كريمة. فقدانهم لكرامتهم المعيشية تنعكس على أدائهم، هذا الذي يجب أن يدركه رئيس الوزراء ومن حوله.
رئيس الحكومة والوزراء والنواب وحاشيتهم عليهم أن يجلسوا مكان الطلبة في يوم دراسي ماطر وبارد ليشعروا مدى تحمل الطلبة ومعلميهم .كل الحكومات المتتالية لم تكن حكومات الفقراء وأبنائهم ومدرسيهم، هي حكومات الخصخصة التعليمية، هي حكومات ترى التعليم من موقع ما يدره على خزائنها؛ لذلك نراها تشجع التعليم الخاص، ولا تكترث لمدارس أو تعليم الفقراء، أو احوال مدرسيهم او مدارسهم.
الأداء التعليمي هو سياسة شاملة المعلم جزء منها، يقوم بتنفيذ الخطة الحكومية الشاملة للتعليم والتقييم، يكون بناء على الرسوم البيانية لمستوى ارتفاع أو انخفاض المستوى التعليمي لكل طالب ولكل مدرسة ولكل محافظة. والتعليم والتخصصات يجب أن تتوافق مع متطلبات سوق العمل الاجتماعي المهني والعلمي والخدماتي .
المعلمون هم مواطنون يجب أن لا يخضعوا للابتزاز في لقمة عيشهم، ومن حق الطلبة أن يكون لهم معلمون أكفاء، وأن يتساووا في الظروف التعليمية مع زملائهم في المدارس الخاصة، هذا حق كفله القانون الإنساني والدولي بمرسوم حقوق الطفل العالمي التي وقعت عليه الحكومة الأردنية.
من أجل مساواة بين جميع الطلبة بغض النظر عن مكان دراستهم، أو انتماءاتهم الاجتماعية، أو بين الريف والمدينة، أو بين الفقراء والأغنياء، يجب أن تتوفر ظروف متساوية وعادلة، وهذا يجب أن يشمل المعلمين؛ لكي يتمكنوا من أداء مهامهم التعليمية والتربوية.
الراتب يقيّم على أساس الحد الأدنى للمعيشة، وعلى أساس تقييم خط الفقر، والمعلمون في المدارس العامة منذ تعيينهم يدرجوا في خانة الفقر القسري، والمكافآت مفهومها هو التقييم على أساس الأداء.
لكل ذلك فليسمح لنا رئيس الحكومة بأن نقول له: أن تصريحك ليس موفقًا، ويندرج تحت عنوان التحريض والتأزيم وليس الحل .