منعطف خطر امام الاقليم!
فتحت الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من الرياض أول من امس، الباب واسعا للتحليلات والتكهنات بوقوف لبنان والأقليم على شفا تصعيد ومواجهات ساخنة جديدة، بعد أن كانت الأنظار تتجه لنهايات واستقرار بعض الأزمات المشتعلة منذ سنوات، وتحديدا الازمة السورية مع بدء أفول تنظيم “داعش” الارهابي.
الأنظار تتجه اليوم الى لبنان المثخن أصلا بجراحات الانقسامات الداخلية وتأثره العميق بامتداد الصراع الاقليمي المشتعل بين محور عربي ايراني من جهة، والمفتوح من جهة اخرى على صراع كامن وقابل للانفجار في كل لحظة مع عدو اسرائيلي متربص في الجنوب. التوقعات باتت متشائمة تجاه مآلات الانقسامات والاستعصاء السياسي الداخلي في لبنان بعد هذه الاستقالة، وهي تنذر بما هو أكثر من تعمق الصراع سياسيا واعلاميا!
فيما تشير التحليلات الى أن استقالة الحريري، خاصة عند وضعها في سياق تطورات الازمات السورية واليمنية والعراقية، تفتح الباب واسعا لتوقع تسخين عسكري جديد، يكون ميدانه لبنان وربما سورية، في وقت تصاعد فيه ومنذ أشهر قرع طبول الحرب في اسرائيل، وإعلانها خطوطا حمرا استراتيجية تلحظ النصر المتحقق على الأرض السورية من قبل الحكومة السورية وحلفائها الإيرانيين وحزب الله اللبناني.
الاكتفاء بالوصول إلى سياسة حافة الهاوية تمهيدا الى تسويات دولية واقليمية أمر غير مستبعد في التحليل النهائي للتطورات والتداعيات الجارية على الأرض في غير مكان بالأقليم اليوم، لكن هذا الخيار والاحتمال (تسخين حافة الهاوية) يبقى ضعيفا أمام قوة خيار الانزلاق إلى مواجهات ساخنة، خاصة على الجبهة الإسرائيلية مع لبنان وربما سورية، نظرا لما يحققه ذلك من مصالح وحسابات معقدة ومتشابكة لأطراف دولية وإقليمية عديدة في لعبة الحرب والسلام في الشرق الاوسط!
اسرائيليا، تبدو وصفة الانزلاق الى حرب مباشرة مع حزب الله، وبصورة غير مباشرة مع ايران ونفوذها في لبنان وسورية، أمرا مطلوبا ومفضلا خاصة بعد أن قاربت الحرب على الارهاب الداعشي بل والأزمة السورية كلها على وضع أوزارها، وبما يصب لصالح سورية وإيران وحزب الله، وفي ظل حاجة العدو الاسرائيلي لترسيم خطوطه ومعادلته الاستراتيجية الجديدة تجاه هذه الاطراف.
أميركيا، تبدو الادارة الاميركية الغارقة في ازماتها الداخلية، خاصة فيما يتعلق بأزمة “التأثير الروسي” في انتخابات الرئاسة الاميركية مستعدة للهروب إلى الأمام بإشعال المنطقة مجددا بحرب كبيرة، خاصة أن ذلك يلتقي مع سياسة هذه الادارة بالانحياز الاعمى لاسرائيل ورفض استمرار العمل بالاتفاق النووي الايراني، وشعورها بالخروج خاسرة من الأزمة السورية أمام ما حققته روسيا من فوائد ومصالح استراتيجية.
عربيا، يبدو الحلف المشتبك بقوة بالصراع مع ايران ونفوذها بغير مكان في المنطقة، غير مستعد للتسليم لايران بما تحقق من انتصارات في غير ساحة، ما يعزز احتمال الانزلاق الى تسخين عسكري لا يعرف مداه وساحاته.
تسارع الاحداث والتطورات في الاقليم، ما ظهر منها وما بطن، يشي بأن المنطقة مقبلة على منعطف خطر وسيناريوهات لا يمكن التكهن بطبيعتها والمدى الذي ستصله، لكن الواضح أن الاشتعالات والتسخينات المتوقعة ستطال رقعة واسعة وغير مكان وساحة في هذا الإقليم!