مع عودة سياسة التوقيف “حماية الصحفيين”: مؤشر الحريات الإعلامية يسجل أسوأ نتائجه
أكد تقرير حقوقي متخصص، أن مؤشر الحريات الإعلامية في الأردن سجل “أسوأ نتائجه” خلال العام الماضي، عقب تعرض حرية الإعلام إلى “انتكاسة موجعة جراء تزايد حالات توقيف الإعلاميين، إثر إقرار قانون الجرائم الإلكترونية، ما يكشف عن العودة لسياسة التوقيف في قضايا الصحافة”.
وبين التقرير السنوي لحالة الحريات الإعلامية، الذي أصدره مركز حماية وحرية الصحفيين أمس بمؤتمر صحفي بفندق “كورب” في عمان، وحمل عنوان “خلف القضبان”، أن “المادة 11 من “الجرائم الإلكترونية” يتيح للمدعين العامين والقضاة صلاحية توقيف وحبس الإعلاميين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن كان الصحفيون يحاكمون بموجب قانون المطبوعات الذي لا يتضمن عقوبات سالبة للحرية”.
وأظهر التقرير أن “مؤشر الحريات الإعلامية قد سجل أسوأ نتائج له منذ أن بدأ المركز بتنفيذ استطلاع حالة الحريات” العام 2006.
وأوضح أنه على الرغم من التزام الأردن بتعهداته الدولية لكنه “لم ينفذ حتى الآن التوصيات التي قبلها في الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان بجنيف، والمتعلقة بحرية التعبير والإعلام”.
وسجل “57 انتهاكاً لحقوق الإعلاميين والحريات وقعت في 23 حالة اعتداء”، مبينا أن “19 إعلامياً تعرضوا لانتهاكات، وجميعهم يعملون في مؤسسات إعلامية خاصة ومستقلة”.
وأضاف أن “15 مؤسسة إعلامية تعرضت لانتهاكات أيضاً، وجميعها من القطاع الخاص والمستقل”، مبينا أن “15 انتهاكاً جسيماً، تعرض لها 11 صحفياً على خلفية عملهم الإعلامي، وبلغت نسبة الانتهاكات الجسيمة 26.3 % من المجموع الكلي”.
وأظهر أن “التوقيف التعسفي للإعلاميين كان أبرز مظاهر الانتهاكات، حيث تعرض 10 إعلاميين للتوقيف العام 2015 على خلفية قضايا صحفية، وأن الأسوأ هو إحالة بعض الصحفيين لمحكمة أمن الدولة”.
وبين أن “32 % من المستطلعين رأوا أن حالة الحريات الإعلامية متدنية، وهي أعلى نسبة تصفها نتائج الاستطلاع منذ العام 2006”.
وكشفت مؤشرات الاستطلاع عن “حالة تشاؤم واسعة جداً بين الإعلاميين، حيث رأى 88.4 % من الصحفيين أن حالة الحريات الإعلامية تراجعت بدرجة متفاوتة”.
وسجلت النتائج التي ترى أن التشريعات “تشكل قيداً على حرية الإعلام، أسوأ معطياتها بشكل لافت منذ العام 2006، حيث أكد 58.2 % من الصحفيين أن القوانين تشكل قيداً على حرية الإعلام، مقابل 61.6 % العام 2006”.
كما سجلت “ارتفاعا ملحوظا بنسبة توقيف الصحفيين قياسا بالأعوام الخمسة السابقة، حيث تعرض 1.6 % من الإعلاميين للتوقيف بقضايا لها علاقة بالإعلام، بينما كانت هذه النسبة سنة 2014 ضئيلة إذ بلغت 0.8 %”.
وأظهرت أن “حجب المعلومات تقدم أعلى سلم الضغوط والمضايقات التي تعرض لها الصحفيون بنسبة بلغت 41 %، لتتضاعف عن العام الذي سبقه، حيث بلغت آنذاك 21.4 %، في حين احتل انتهاك (القدح والذم) الذي يتعرض له إعلاميون المرتبة الثانية بنسبة 15 %، وتبعه بعد ذلك التهديد والمنع من التغطية، ليبلغا نسبة 9.3 %.
وقفز الاستدعاء الأمني للصحفيين ليحتل المرتبة الرابعة بنسبة بلغت 5.6 %، وفق التقرير، بعد أن كان 1.2 % العام 2014.
وبين التقرير أن “حجز الحرية للإعلاميين تضاعف عشر مرات عما كان عليه في 2014، إذ وصلت نسبتها إلى 4.7 %، ويعود السبب بشكل مباشر إلى استخدام القوانين كأداة للتقييد والضغط على الصحفيين”.
وكشف الاستطلاع أن “محاولات احتواء الإعلاميين لم تتوقف، فقد أفاد 17 % من الإعلاميين أنهم تعرضوا لمحاولات احتواء أو إغراءات أو امتيازات أثناء ممارستهم لعملهم الصحفي”.
ووجد أن “ظاهرة انتشار الرقابة الذاتية لدى الصحفيين والإعلاميين ما تزال تمثل مشكلة حقيقية تستحق الدراسة والمتابعة، فقد بلغ مؤشرها (93.2 %)”.
ولأول مرة يسلط الاستطلاع الضوء بشكل موسع على وسائل التواصل الاجتماعي وصدقيتها، وكشف مؤشر المتوسط الحسابي أن “66 % من الصحفيين تعتقد بتوفر ثقة لدى الناس بوسائل التواصل الاجتماعي”، كما “عبر 92 % منهم عن قناعته بأن توفير الأمن المعيشي للصحفيين متطلب أساس لحرية الإعلام.
وقال التقرير إن “الواقع الصعب الذي عاناه الصحفيون خلال السنوات الماضية من أزمات ومشكلات متلاحقة، تمثلت في إغلاق جريدة يومية وتعثر أخرى بعد صعوبات مالية تحول دون التزامها بدفع أجور العاملين بها، دفع الصحفيين وبمتوسط حسابي 58.4 % إلى الاعتقاد بأن الصحافة الورقية انتهت في الأردن ولا مستقبل لها”.
ووفقاً لمعطيات التقرير، عبر 70.9 % من العينة المستطلعة وبدرجة كبيرة عن دعمهم لإنشاء مجلس شكاوى مستقل ينصف المجتمع من أخطاء الإعلام، مقابل 12.4 % أيدوا إنشاءه بدرجة متوسطة، و2.4 % بدرجة قليلة، بينما أجاب 14.3 % بأنهم لا يؤيدون تأسيس المجلس على الإطلاق.
وكشف تقرير واقع الشكاوى والانتهاكات الواقعة على حرية الإعلام في الأردن أن “التوقيف التعسفي قد حل في المرتبة الثانية على رأس قائمة الانتهاكات، وكان أبرزها تعرض 10 صحفيين وإعلاميين للتوقيف التعسفي العام 2015 بسبب عملهم الإعلامي”.
وبين أن “التوقيف التعسفي” شهد أعلى معدلاته منذ ستة أعوام، حيث “لم يسجل حالات منه خلال عامي 2011 و2012، بينما وثقت 3 حالات العام 2010 وحالتين العام 2013”.
وطالبت التوصيات الحكومة بتعديل قانون العقوبات على نحو يتفق مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، والالتزام بنشر المعلومات عن حالة تنفيذها لالتزاماتها بموجب التوصيات التي قبلتها أمام الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان، واتفاقية مناهضة التعذيب، وغيرها من الاتفاقيات الماسة بحرية التعبير والإعلام.
عربيا كشف التقرير عن أن العام 2015 هو “أكثر الأعوام دموية وقتامة على صعيد الحريات الإعلامية، حيث وصل عدد الانتهاكات بحق الإعلاميين إلى 4609 في 20 دولة عربية، و29 % انتهاكات جسيمة، قتل فيها 52 صحفيا”. وكشف أن “تنظيم داعش الإرهابي أكثر الجهات التي مارست الانتهاكات، إضافة الى استمرار تغول اعتداءات وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للصحفيين في فلسطين”.
وقال رئيس مركز حماية وحرية الصحفيين الزميل نضال منصور، أن “تقرير حالة الحريات الإعلامية للعام 2015 ربما يكون الأقل في رصد الانتهاكات منذ سنوات طويلة، فربما فضل الكثير من الصحفيين أن يسكتوا وأن يلوذوا بالصمت على أن يفصحوا عما يحدث معهم، وربما أيضاً لقمة الخبز موجعة حين تصبح مهددة، فكل الانتهاكات لا توازيها ولا تصبح مهمة للبوح بها، وربما بعد أن أصبح وتحول القانون كأداة للتقييد، آثر غالبية الإعلاميين أن يضعوا رقيباً ذاتياً في عقولهم حتى لا يكون مصيرهم التوقيف والسجن”.
نقلاً عن الغد