مقالات

معوقات عمل المرأة في الأحزاب/ بقلم: محمد محفوظ جابر

يعبر الحزب عن مصالح طبقة اجتماعية محددة يلتقي أفرادها حول مبادىء وأهداف تعبر عن مصالحهم الخاصة. وعلى ارضية الصراع الطبقي بين التحالف الحاكم والاحزاب السياسية، فإن التحالف الطبقي الحاكم في الأردن خلق مناخاً سياسياً معادياً للأحزاب والعمل الحزبي، معتبرا أن الأحزاب الوطنية السياسية تشكل تهديداً لسلطته، وقد تعرض الحزبيون على مر تاريخ الأردن إلى السجن والملاحقة حتى في لقمة العيش، إلى أن جاءت هبة نيسان 1989 وخضعت السلطات للإرادة الشعبية فتنازلت عن موقفها وسمحت بإقامة الأحزاب ولكن بعد تغذية الشعب بالعداء لها.

إن غياب الحريات العامة وغياب العمل الديمقراطي في الأردن إضافة إلى عمليات القمع وخلق ثقافة معادية للأحزاب جعلت الأحزاب ضعيفة بشكل عام كمياً وبشكل خاص بأعداد انتساب المرأة، لأن المجتمع كان نظراً لهذه السياسات الرسمية يرفض انتساب الأبناء للأحزاب للحفاظ عليهم فكيف سيقبل بانتساب المرأة التي يعتبرها “شرفه” لتتعرض للاعتقال والسجن.

وقد أدى نمو الفكر الأصولي الديني إلى تسلط الذكور والعقلية الذكورية في المجتمع وتحديد حرية حركة المرأة ناهيك عن المصطلحات التي اطلقت حولها والتي قيدت تعليمها وعملها الاجتماعي تحت مقولة أنها خلقت للبيت.

هذه العقلية الرجعية التي سادت في المجتمع أيضاً كانت سنداً للسلطات الرجعية التي قيدت العمل الحزبي وقد حرمت المرأة من حق الانتخاب والترشيح لمجلس النواب حتى صدور قانون رقم 8 عام 1974 الذي اعطاها حق الترشيح والانتخاب لتدخل معترك الحياة السياسية رسميا.

 وإضافة إلى تشويه صورة الأحزاب في المجتمع رسمياً وتشويه دور المرأة في المجتمع من قبل الأصولية الرجعية، فإن الأعباء التي ألقيت على المرأة العاملة كانت أثقل بكثير من امكانية حملها وحمل الخيار الحزبي معها، لأن الحزب يلقي على كاهلها أيضاً مهمات جديدة اضافة إلى مهمات البيت والعمل الاجتماعي مما يرهق المرأة ويجعلها إما أن تقصر في البيت وواجباتها تجاه الزوج والاطفال واحتياجات البيت أو تقصر في عملها  عملها بينما يقف رب العمل لها بالمرصاد أو تقصر في  مهماتها تجاه الحزب، ومحاسبتها ستكون كما يحاسب العضو الحزبي دون مراعاة الحزب للظروف التي تعيشها في البيت او العمل.

وفي حالة المرأة الحزبية التي لديها اطفال فإن عدم توفير مكان آمن للاطفال كالحضانة في الحزب فإن حمل عبء الاطفال على كاهلها يعرقل نموها الحزبي ويعرقل دورها ونشاطها.  

ومن أخطر معيقات عمل المرأة في الحزب هو العقلية الذكورية في الحزب التي نشأ عليها الرجل في المجتمع الاردني والتي ترفض قيادة المرأة ولا تعترف بإمكانياتها ودورها المتساوي مع الرجل مما يحبط المرأة ويفقدها إيمانها بالنضال الحزبي.

ولكن قلة من المناضلات الحزبيات نذرن أنفسهن إلى تحدي الثقافة الرجعية  المتخلفة وتحدي العقلية الذكورية وأثبتت جدارتها وتعمل على إثبات ذلك يومياً وتسير إلى الأمام غير آبهة بتلك الثقافة وذلك الوعي الزائف لدى الرجل.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى