لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
نداؤنا

مظاهر التخبط الحكومي

تشير نتائج الاستطلاع الذي أجراه مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية مؤخراً إلى تدني شعبية الحكومة بصورة غير مسبوقة.

هذه الشعبية المتدنية لم تحفز الحكومة للبحث عن أسباب هذا التدني ولم تسعَ لتجاوز ذلك بل تعاملت معه بعدم اكتراث وبصورة دللت على التخبط الذي تعيشه وانعدام الرؤية.

يكاد يكون التخبط هو المظهر الأوضح للأداء الحكومي، فهي تتحدث عن ترهل إداري بالمقابل فإنها تفتقر لأي رؤية لمعالجة هذا الترهل، بل يغيب الإصلاح الإداري عن ذهن الحكومة بالكامل، ولعل سياسة التعيينات وغياب الشفافية والنزاهة في تلك التعيينات من شأنها تعميق هذا الترهل وزيادة حالة عدم الثقة بين الحكومة وبين الجمهور.

تتحدث الحكومة عن عجز كبير في الموازنة وتتحدث عن حاجتها لتوفير مبلغ (540) مليون دينار للعام (2018)، ولا تجد سبيلاً لتدبير ذلك المبلغ سوى التربص واستهداف جيوب الفقراء، ويغيب عن ذهنها أي اجتهاد أو برنامج يتجاوز هذا الوضع.

ففي الوقت الذي تتحدث عن رفع الدعم عن رغيف الخبز الذي يستدين المواطن للحصول عليه نراها تتحدث عن عاصمة جديدة كلفتها بالمليارات ترى هل هناك تخبط أكثر وضوحاً من ذلك؟!

وحكومتنا تتحدث عن الاعتماد على الذات ونحن نوافق على ذلك، لكنها لم تشرح لنا كيف لها أن تحقق ذلك دون إعادة النظر بكل النهج الإقتصادي، ولم تفكر بالبدء بالتحول إلى اقتصاد منتج بدل الاستهلاك وثقافته التي تتحكم فينا.

حكومتنا تتحدث عن محاربة الفساد، هذه الآفة التي استشرت في مسامات الدولة الأردنية وراحت تتسع يوماً بعد يوم، فيما تدلل الوقائع على أن حكومتنا لا تتمنع عن محاربة الفساد فقط، بل إنها تدافع عنه وترعاه، وأن الرقابة غائبة تماماً في الوقت الذي يعبث الفاسدون في اقتصادنا كما يشاؤون.

والحكومة تتحدث عن الإصلاح مقابل ذلك فإننا نشهد تضييقاً تاماً على الحريات العامة وحرية التعبير، وتؤكد في كل لحظة نكوصها عن عملية الإصلاح السياسي الذي يعتبر المدخل الصحيح لمعالجة أوضاع البلاد الاقتصادية.

مقابل هذا التخبط في الأداء الحكومي الداخلي فهي تبدي درجة كبيرة من اللامبالاة  بما يجري في دول الجوار، ولم تبادر إلى تصحيح مسارها السياسي بما يمكنها من اغتنام الفرصة للانفتاح على الدولة السورية.

إن ما نعيشه من أزمة شاملة تزداد عمقاً يوماً بعد يوم وما نشاهده من أداء حكومي يتسم بالتخبط والارتجال وغياب الرؤية يجعلنا نتساءل عن تداعيات استمرار هذا الحال على ما هو عليه، والذي من المؤكد أنه يعني السير نحو المزيد من الانحدار.

هذه الصورة تتطلب قراءة دقيقة للواقع والأداء الحكومي، والدفع نحو نهج جديد مستلهمين من تجارب الماضي والحاضر ما يعيننا على بلورة هذا النهج والمجيء بحكومة قادرة على حمل هذا النهج والنهوض بتلك المهمات.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى