مقالات

مطلوب قمة بقمم

لست بحاجة للقول بأن القمة القادمه في عمان إن انعقدت ستكون في ظروف مهينة جدا ، ولن يكون إحساس بهذه المهانة داخل القاعه . ولا بحاجة للتساؤل عن جدوى اجتماع لمجتمعين على خلفية فكرة لا تجمعهم ،وعلى لعبة كُرة هم فيها مشجعون . قمة بلا قمم ، يتكلمون ويأسفون ويشجبون ويُنَظِرون كما نفعل نحن افراد الشعب العاجز ، والفرق بيننا وبينهم أنهم يفعلون ذلك ببرودة أعصاب ونفعله نحن بحرقه . إن القمم بشأن مصيرنا تعقدها الدول الاجنبية تباعا دون دعوة أو اشراك لحكامنا . فهل بعد هذا من مهانة تعيشها شعوبنا . فمن يبيع نفسه عبدا لا يحس بالعبودية بل بما كسب .

. إن الأردن الذي رحب باستضافة القمة هو المسئول الفاعل في إعداد جدول الأعمال وفي توجيه الكولسات ومشاريع القرارات كبلد مضيف ، لهذا سيكون خلال الأسابيع التي ستسبق الانعقاد ، فاتحا صدره ومتهيئا لتلقي رغبات وحوارات الدول العربية ذات الأجندات الخاصة ليصبح بالتالي مستودعا للمواقف الحقيقية والنوايا ، وبالتالي أمام عملية تحضير لموقفه هو . ولا أخاله موقفا ضد موقف أو تطنيش موقف على حساب اخر ، بل سيراً بين الأشواك ، الأمر الذي يجعله في وضع لا يحسد عليه . لأن نجاح أو فشل القمة الذي يُقَيَّم عندهم بعدم نبش الجروح وتعويم المواقف وبوس الوجنات والأنوف ، سيرتبط بادراة الدولة المضيفة . وأنا لا أخشى على دبلوماسية الاردن في هذا، لكن هذا لن يكفي هذه المرة .

لا خلافات سياسية أو طنية بينهم ، ولا استراتيجية قومية ستكون هدفا لهم أو مدار بحث . قضايانا مدولة ونحن لسنا معتبرين كدول ، فجدول الأعمال في واقعه سيكون مرتكزا على بند واحد وما سواه من بنود ديكورا للناس لا يعنيهم . إنه الإرهاب وتطوير التوكؤ عليه ليكون وسيلة لتشكيل تحالفات خارجية ، حتى لا أقول عميلة ، يعزز من خلالها كل زعيم سلطته ، والخلافات بينهم ستكون حول من يتبعون ، لإيران أم لتركيا . ومَن مِن الدولتين هي الأكبر خطرا من اسرائيل على العرب ، ومن هي الأكثر جدية وقدرة من الدولتين على محاربة وقهر الارهاب وأخذ مكانه .

فالإرهاب بالنسبة لمعظم حكامنا يهدد استقرار سلطتهم أو يقضم منها أو يُحرِض عليها . ولهم أيضا فيه مآرب أخرى . فبركوب موجته يتخلون عن مسئولياتهم الداخلية والخارجية ويبررون تنصيب انفسهم حكاما عسكريين على شعوبهم ، ويتناسون فلسطين وشعبها ، ويقدمون أنفسهم للسادة والعالم كمقبولين وكحكماء ، والأهم لهم هو التوكؤ على حليف أجنبي . وكلها تخدم سلطتهم لا أكثر .

.اجتماعات القمة العربية ما زالت قومية الشكل والادعاء ، وما زالت النتائج نفسها ، وليست هناك من دولة لها توجه قومي او تحمل هم قضية عربية ، ولا هماً لدولة عربية اخرى ، والنخبة العربية الحرة أخطأت حين لم تتناول وتبحث وتعري في حينه شعار” البلد اولا” . لقد كانت تطورات القضية الفلسطينية سببا لفكرة مؤتمرات القمة تحت ضغوط الشارع ، وكانت كل زعامة عربية تستغلها لاهتمامتها وأغراضها الخاصة وها هي القضية لم تعد محل اهتمام للعالم ولزعاماتنا .

أما فيما بعد ، تعاظمت المسائل التي تبرر انعقاد القمم وتمددت لدولهم متجاوزة القضية الفلسطينية ، وتَمدد الفشل ، وتكررت هذه القمم بفضائحها حتى أصبحت عبئا عليهم فجعلوا انعقادها روتينا سنويا . وخلال السنة الواحدة تُصْنع القضايا وتُرْتكب المذابح بحق دول العرب وشعوبها ويتولاها غيرهم ، وتَسْتفرد كل دولة بموقف من خارج احراجات ومسرحيات القمم .

إذا العروبة لا تجْمع حكامنا فكيف ولِماذا يجتمعون باسمها؟ أما التساؤل بكيف، فيسقط بحكم وجود ألف ألف “كَيفْ” فيما يفعلون وليس من حس ولا جواب بل صَمَم وبُكْم. وفي الثانية أقول ، والله ليحتار العقل حين يُلغَى حتى وجودهم الشكلي فيما يجري من محادثات واجتماعات بشأن ذبح سوريا وشعبها وتركها كجيفة تَنهشها الذئاب ، وحين تتحرك مشاعر من هم في أقاصي الارض ولا تهتز لحكامنا شعرة . وحين يُترك مصير بلداننا العربية وشعوبها لمن يهمه الأمر، ويكون حكامنا مِمَّن لا يهمهم الأمر .

هل هم فعلا من أصول أخرى مناهضة للعربية جيء بهم من أجل “لماذا “، أو مسلمين على شاكلة يهود الدونمه في تركيا لا سمح الله ، أم هم من صُلب الأمة جُرِدوا من حقوق ومزايا الخُوَّان . شعوب العالم وإعلاميوها وسياسيوها يبكون شعب سورية ، وينحُبوا بقية الشعوب العربية ويصفون حكامها بكلمات غير صالحة للنشر في بلادنا. وفلسطين للجميع لم تعد قضية ولا شعبها وكأن مشاهد مسرحيتها قد انتهت .أعتقد أن المسألة لم تعد تنتظر إلا معلق لجرس

نقلاً عن المقر

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى