مشروع قانون ضريبة الدخل والقصور في معالجة الازمة الاقتصادية/٢
- البشير: لا أرى مبرراً لإخضاع دخول الأشخاص الطبيعيين لهذه الضريبة
الدخول المعفاة والخاضعة
نقر جميعاً أن هناك تهرب ضريبي أضر بالخزينة, عزز من تفكك العلاقة ما بين الوطن والمواطن, لاعتبارات كثيرة أبرزها انتشار ظاهرة الفساد من جهة، وغياب العدالة على أكثر من صعيد من جهة أخرى. والتهرب نوعان، تهرب من خلال تقديم حسابات غير دقيقة ومعلومات ناقصة عما يقبضه بائع السلعة او مقدم الخدمة، وأخرى ناتجة عن شيوع اقتصاد الظل من إنتاجي أو خدمي, غير المسجل حسب القوانين السارية. لكن التهرب الأخطر والذي يتعلق بسلوك السلطات التنفيذية والتشريعية والمتمثل في التشريع ذاته الذي يميز بين المكلفين ولا يراعي نصوص الدستور, والذي يعززه في ذات الوقت هشاشة الثقة بين المواطن وهاتين السلطتين, وأعني هنا التهرب من خلال القانون, الذي يفرضه المتنفذون وأصحاب المصالح على شكل الشرائح او النسب من جهة والدخول الخاضعة والمعفاة من جهة اخرى ومثال ذلك:
أولاً: الدخول المعفاة
لقد تضمن مشروع القانون اعفاءات سخية تتناقض وتوصية الحكومة في اخضاع الطبقة العليا لضريبة الدخل حيث وردت إعفاءات للجهات التالية:
1- أعفت المادة (4) فقرة (أ) بند (5) الأرباح الرأسمالية باستثناء الأرباح الناتجة عن بيع الموجودات القابلة للاستهلاك أي الأرباح الناتجة عن المتاجرة بالاراضي مثلاً.
ان اخضاع تجار الاراضي للضريبة وأية أرباح رأسمالية اخرى يعزز من العدالة التي ننشد.
2- أعفت المادة (4) فقرة (أ) بند (7) الأرباح الرأسمالية الناتجة عن بيع أسهم وحصص الشركات ومؤسسات تكنولوجيا المعلومات.
لا ارى مبرر لهذا الاعفاء, فالضريبة على الدخل يتم بعد تنزيل الخسائر من تجارة الاسهم مثلاً مما يحقق العدالة للمتداولين في السوق المالي الذي لحقت بهم خسائر كبيرة جراء الركود الذي يعاني منه السوق المالي.
3- نصت المادة (4) فقرة (أ) بند (13) على اعفاء (5) الاف دينار من تعويض نهاية الخدمة ابتداءً من 1/1/2015.
حماية لأبناء الطبقة الوسطى الحاصلين على هذا التعويض فإن إخضاع ما زاد عن (20) ألف دينار للضريبة فيه عدالة لهم ودعماً للادخار والاستثمار لصغار ومتوسطي الدخل.
4- أعفت المادة (4) فقرة (أ) بند (14) مبلغ (2500) دينار من الراتب التقاعدي حسب مشروع القانون.
العدالة تقتضي أن يضاف إليه الدخول من مصادر الدخل الأخرى على أن يعامل المتقاعد كالمكلف الطبيعي وإخضاع ما زاد عن إعفائاته للضريبة, حتى يستقيم إعفاء المتقاعد مع مقدار الإعفاءات الممنوحة للاشخاص الطبيعيين الواردة في أولاً أعلاه.
ثانياً: الدخول الخاضعة
أخضع مشروع القانون دخول الأشخاص (الطبيعيين) والأشخاص المعنويين لنسبة (1%) حسب المادة (11)/ج للتكافل الاجتماعي ولغايات البحث العلمي ومكافحة ألفقر.
لا أرى مبرراً لإخضاع دخول الأشخاص الطبيعيين لهذه الضريبة, لأن ذلك لا يستقيم مع طبيعة القانون وأن قانون الشركات وقانون وانظمة الرعاية الاجتماعية, هما المكان المناسب لمناقشة مثل هذه البنود بالنسبة للاشخاص المعنويين باعتبار ان ضريبة الدخل وقانونها يتوجب أن يعالجا الدخول الخاضعة فقط دون إقحامه باقتراحات بعيدة عن الضريبة على الدخل وغاياتها.
قطاع الزراعة
أخضع مشروع القانون في المادة (5) منه ما يزيد عن (25) ألف دينار من دخل المكلفين العاملين بالزراعة للضريبة.
إنني أجد أن لا مصلحة للاقتصاد الوطني في إخضاع القطاع الزراعي للضريبة, لأهمية القطاع الزراعي في معالجة مشكلة البطالة وتأثيره على الميزان التجاري وميزان المدفوعات خاصة وأن مساهمة القطاع في الناتج المحلي متواضعة ولا تتعدى (3%).