لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مقالاتآراء ومقالات

مسمار فلسطيني بنعش صفقة ترامب

أعلنت القیادة الفلسطینیة والرئیس محمود عباس عن مقاطعة مؤتمر البحرین المقبل، الذي دعت له الإدارة الأمیركیة، والذي تریده ھذه الإدارة ممھدا للمسار الاقتصادي لما تسمیه ”صفقة القرن“ لتصفیة القضیة الفلسطینیة ودمج الكیان الصھیوني بالمنطقة العربیة. الموقف الفلسطیني المھم ھذا یندرج ضمن موقف ثابت وحاسم للقیادة الفلسطینیة بمقاطعة الإدارة الأمیركیة واللقاءات مع أي من مبعوثیھا ومسؤولیھا المتصھینین منذ قرارھا بالاعتراف بالقدس عاصمة موحدة للكیان المحتل.

بدا ھذا الموقف للقیادة الفلسطینیة – مقاطعة الإدارة الأمیركیة- مفاجئا، أو حتى مستغربا لدى الكثیرین، نظرا لما یحیط بالسیاسة الرسمیة للسلطة الفلسطینیة من محددات وارتھانات تفرضھا العلاقة مع سلطات الاحتلال والإدارة الأمیركیة وفق اتفاقیات أوسلو ونظرا للظروف الموضوعیة التي تعیشھا الضفة الغربیة المحتلة والشعب الفلسطیني فیھا من حصار وقضم واستیطان إسرائیلي وتجویع ونسف لكل مقومات السلطة في سعي لكسر إرادة الصمود الفلسطیني وتركیعه أمام ما تفصله إسرائیل وأمیركا.

لكن ھذه المفاجأة یفترض بھا أن تتب ّخر عندما ینظر للأمر بموضوعیة وعقل ھادئ، فإدارة ترامب الیمینیة والھوجاء كانت واضحة الخیارات منذ اللحظة الأولى لوصولھا البیت الأبیض، عدوة صریحة للحقوق الوطنیة للشعب الفلسطیني، غیر مكترثة بل ومستھزئة بالشرعیة الدولیة وقرارات مجلس الأمن، منحازة حدّ التماھي مع الیمین الصھیوني ونتنیاھو وأطماعھما بالتوسع ووأد حلم الدولة الفلسطینیة المستقلة، وترجمة ھذه الخیارات بقراراتھا التي اعترض علیھا المجتمع الدولي، سواء قرارھا بخصوص القدس ونقل سفارتھا، أو قطع المساعدات عن السلطة الفلسطینیة ووكالة “الأونروا“ والجولان المحتل، وغیرھا الكثیر من التفاصیل، والأخطر ھو طبخ ما تسمیه ”صفقة القرن“ بكل ما تحمله من دفن للحقوق الفلسطینیة.

لكل ذلك؛ ولأن ثمة شعبا فلسطینیا عظیما ومناضلا لا یمكن أن یسلم لإدارة أمیركیة رعناء لم تقرأ تاریخ الشعوب الحرة، وتحدیدا تاریخ الشعب الفلسطیني الحدیث، فإن قرار القیادة الفلسطینیة لم یكن لیكون غیر ذلك، مقاطعا للإدارة الأمیركیة ولكل طبخاتھا وصفقاتھا، رغم كل الضغوط السیاسیة والاقتصادیة وإجراءات الاحتلال على الأرض. لا یمكن للقیادة الفلسطینیة؛ أیة قیادة فلسطینیة، أن تخرج عن الإجماع الشعبي الفلسطیني وأن تتنازل عن الحد الأدنى الذي قبلت به منظمة التحریر الفلسطینیة بدولة مستقلة في الضفة الغربیة المحتلة وقطاع غزة وعاصمتھا القدس ووفق ثوابت حق العودة للاجئین وإزالة المستوطنات وضمان السیادة على الأرض.

لا یمكن لأحد أن یقلّل أو یشكّك الیوم بأھمیة قرار القیادة الفلسطینیة والرئیس عباس، بمقاطعة مؤتمر البحرین، والأھم مقاطعة اللقاء والحوار مع الإدارة الأمیركیة، خاصة وأننا بتنا على موعد قریب من طرح مشروع ”صفقة القرن“، وھي صفقة أو تسویة سیاسیة لا یمكن أن تمر أو یسّوقھا ترامب أو نتنیاھو أو أي أحد إن لم توقعھا القیادة الفلسطینیة، وھذا ھو المأزق الحقیقي الذي یواجه الإدارة الأمیركیة وإسرائیل وھما یسعیان باندفاع غیر مسبوق في ھذه اللحظة التاریخیة لدمج إسرائیل بالمنظومة العربیة وشرعنة احتلالھا لفلسطین ومحاولة اغتصاب توقیع عن الشعب الفلسطیني على ذلك بعد أن بات ترامب واثقا من قدرتھ على اغتصاب تواقیع دول عربیة على ھذه الكارثة القومیة! ببساطة ووضوح؛ لم یعد ھناك ما یخسره الرئیس عباس والقیادة الفلسطینیة، بل ھما من سیكسبان

بالإصرار على موقفھما بمقاطعة الإدارة الأمیركیة ومشاریعھا الخطیرة لتصفیة الحقوق الوطنیة للشعب الفلسطیني، فھذا الشعب العظیم لا یمكن أن یقبل من أحد التوقیع عن التنازل عن حقوقه وأرضه ومستقبله ، وھو سیقف بظھر قیادته إن قالت لا، وسیتح ّمل الكثیر معھا بطیب خاطر.

النصر صبر ساعة؛ وانتصار الشعب الفلسطیني بھذه المرحلة التاریخیة الصعبة، ھو في الثبات على كلمة لا، ورفض التوقیع على استسلام وتنازل عن حقوق الأجداد والأحفاد. وفشل وانھیار كل صفقة ترامب قائم على الرفض الفلسطیني.

المصدر
الغد
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى