ما بعد الكرونا.. مؤشرات لتغيير استراتيجي
يخوض العالم أجمع معركة شرسة في مواجهة فيروس عرف اسمه وصفاته وأضراره ومضاعفاته وسرعة انتشاره.
ووقف أمامه عاجزا ..مصدوما وقد انكشفت عوراته ..بدأ العالم مواجهته بالاستغلال والتوظيف السياسي اللاإنساني والعنصري ..وعندما استشرى وضرب بعنف واجتاح عقر دار المستغلين والعنصريين أصابهم الرعب وارتبكوا ..وازدادوا هلعا فوجدوا أنفسهم أضعف ما يكون ..فتعالت دعوات حظر التجول ..والتزام البيوت …وانتظار ماهو آت…فكان هذا الفيروس كاشفا فاضحا للعجز العالمي نتيجة انهيار الأنظمة الصحية العالمية التي تآكلت بفعل الجشع الرأسمالي الخالي من أي بنية صحية مجتمعية..وظهر العوار والضعف والوهن..للقوى العالمية الرأسمالية العظمى ما قبل الكرونا والعظمة بسكون الظاء وفتح الميم بعد الكرونا.
عدد الاصابات فاق 300000 مصاب وعدد ضحاياه وقتلاه 13500 قتيل حسب اخر احصائية لمنظمة الصحة العالمية منذ ايام والاعداد في تصاعد فقد مات في اسبانيا اربعمائة مصاب في يوم واحد…و هناك سبعمائة مصاب في سويسرا في يوم واحد أيضا ،وبلغ عدد المصابين في امريكا اكثر من خمسة وعشرون الفا..وسجل انتشار فيروس كرونا مستجدات عالمية على كافة المستويات فكانت حسب الاتي :
1- انتصار الصين على انتشار الفيروس الذي أول ما بدأ بها وفاقت الإصابات فيها مئات الاف وضحاياها اكثر من أربعة آلاف مصاب وخضعت الصين لهجمات إعلامي أمريكية تستغل الحدث للتصويب على الصين وانتظار انهيارها الاقتصادي إلا أن الصين واجهت هذه المعركة العالمية الشرسة بثبات وصبر وعلم وإجراءات فاقت كل تصور إلى أن أعلنت انتصارها عليه ..بل وارسلت مساعداتها الطبية والدوائية الى دول اجتاحها الفيروس، وبدأت مرحلة جديدة فيها عنوان الصين العظمى.
2- تخلي الغرب الأوربي والأمريكي عن حلفائه اللذين أصابهم اجتياح الفيروس كإيطاليا وصربيا واسبانيا وسويسرا.
واعتذروا عن تقديم المساعدة لضرورات حاجة دولهم لها، وقد وصلت المأساة في ايطاليا الى انهيار صحي كامل وفاقت أعداد القتلي والمصابين أي دولة في العالم دون مغيث اوربي او امريكي..لتأتي المساعدات العاجله والكبيرة من الصين وروسيا..وكوبا..تلك الدول ذات الخلفيه الاشتراكيه..والتي بنت أسس تكاملها الصحي الاجتماعي بناء على مسئولية الدولة عنه لا ان تتخلى الدولة عن المجتمع وتتركه فريسة لجشع القطاع الخاص، الذي لا تعنيه ابدا تحصينات المجتمع صحيا وتعليميا..فكانت نتيجة ذلك الوهن الشديد والضعف الكبير في امريكا واوروبا في البنية الاساسيه لصحة المجتمع وتحصيناته.
فاثبت ما بعد الفيروس هشاشة المجتمع الراسمالي صحيا…وقوة ومتانة المجتمع الاشتراكي صحيا
لأن الصين وروسيا لم تتخليا عن أسس البناء الاشتراكي للصحة والتعليم ومسئوليات الدولة عنه وان كانت اتقنت خوضها تجربة القطاع الخاص.
3- تقبيل الرئيس الصربي للعلم الصيني وقوله علنا لأوروبا شكرا على اللاشيء ..وقوله حليفنا وصديقنا الحقيقي الصين…وكذلك إنزال العلم الأوربي بالميدان المواجه لمبنى الاتحاد الاوربي في روما ورفع علم الصين مكانه مؤشر واضح على تغيير في معطيات ما بعد الكرونا.
4- ارسلت كوبا الدولة المحاصرة منذ ستون عاما فرق طبية الى ايطاليا واسبانيا وفنزويلا واستغاث بها الرئيس البرازيلي اليميني الامريكي الهوى والذي لم يجد استجابة لنداءاته التي وجهها لامريكا طلبا منها للعون … كل ذلك يؤكد فشل الحصار الامريكي البغيض لكوبا ..ويعزز صورة هذا البلد الصغير في حجمه العظيم في صموده وفعله ودوره الانساني الدائم.
5- واجهت ايران فيروس الكرونا الذي اجتاحها بقوة وهي المحاصرة حصارا ظالما لا إنساني بكل شجاعة واعتبرته حربا جديدة ستلقى مصير الحروب الاخرى التى وجهت لها الفشل الذريع وبدأت تتعافى من مخاطر الفيروس في لحظات تاريخية تدين كل صامت على استمرار هذا الحصار وتجرم فاعليه عديمي الانسانية واعدائها.
6- لازالت الى هذه الايام القلاع العربية والتي تواجه مؤامرات وهجمات شرسة دمرت اقتصادها ومعمارها فصمدت ولازالت تؤكد صمودها وهويتها الحرة الوطنية والعربية..لازالت سورية وليبيا واليمن وغزة حصينة ومحصنة من هذا الفيروس ..اذ لازالت شعوبها تعبر بصلابة انتمائها وثباتها وضعف امكانياتها على التحدي وخوض معركة التحصين في وجه الفيروس رغم الحصار الصهيو امريكي والغربي لها.
ان المستجدات لما بعد فيروس كرونا ستحدث بناء عليها حتما تغييرات استراتيجية في العلاقات الدولية بل وحتى على صعيد التحالفات السياسية… مرتكزها.
تقدم الصين في الصدارة الدولية كدولة عظمى ،عظم دورها وتأثيرها العالمي…وبالتأكيد ستكون تغييرات تخدم النفوذ والعلاقات الصينية في شرق وغرب اوروبا….وايضا انفتاح ايطالي اسباني على روسيا يساهم في كسر الحصار على روسيا ..وتوسع نفوذها وتأثيرها السياسي.