ماذا حققت لجنة الحوار الوطني ؟
ارتبط تشكيل لجنة الحوار الوطني بالاستجابة للحراك الشعبي الأردني، الذي انطلق منذ بداية هذا العام في ذيبان، ليمتد ليشمل كل محافظات المملكة، هذا الحراك الذي رفع وبإلحاح شديد شعار الإصلاح السياسي، باعتبار الإصلاح مسألة لا يمكن ولا يجوز التأخر في إنجازها.
والمسألة الأخرى التي ارتبطت مع تشكيل لجنة الحوار، هي ما تضمنته الرسالة الملكية من أن تعديل قانوني الانتخاب والأحزاب، يجب أن يؤدي إلى تطوير الحياة الحزبية والسياسية في البلاد.
وبالرغم من نظرتنا كحزب للإصلاح بأنه حزمة متكاملة تطال كل شؤون الدولة والمجتمع ولا تقتصر على قانوني الانتخاب والأحزاب إلا أننا تعاطينا بإيجابية شديدة في المشاركة في لجنة الحوار من أجل الوصول إلى قانون انتخابي ديمقراطي لما لهذا القانون من دور رئيس في عملية الإصلاح.
وكنا ولا زلنا نرى أن القانون الذي يمكن أن يخدم حركة الإصلاح ويوفر عدالة في التمثيل ويمكّن الأحزاب مهما صغرت من الوصول إلى البرلمان ويجعل من إمكانية وجود معارضة برلمانية قوية ومؤثرة ومن إمكانية تشكيل حكومة حزبية نقول أن القانون الذي يحقق كل تلك الأهداف هو الذي ( يعتمد التمثيل النسبي على مستوى الوطن ) .
وكنا نرى فيه المدخل الفاعل لجعل العملية الانتخابية تمارس على أساس البرنامج وليس على أساس العلاقة الشخصية، بل كنا نرى فيه العلاج الفعّال للتصدي للمال السياسي، ودوره في شراء الأصوات وتزييف إرادة الناخبين.
إلا أن الضغوط الخارجية التي مورست على اللجنة، ومحاولات احتواء مخرجاتها، وقطع الطريق عليها، من أن تلعب دوراً بارزاً ورائداً في عملية الإصلاح، الأمر الذي قاد اللجنة إلى تبني ( نظام ) انتخابي يكرس البنى العشائرية والرموز البيروقراطية المتنفذة ويحتجز إمكانية ظهور نخب سياسية جديدة وتركيبة جديدة لمجلس النواب، إلا أن الصيغة التي خرجت فيها اللجنة تشكل صيغة متقدمة عن قانون الصوت الواحد.
إن استعراضنا للجان الحوار التي تشكلت القانونية أو الاقتصادية يدلل على أن الرهان على هكذا لجان ومخرجاتها رهان في غير محله.
ومما لاشك فيه، أن العامل الرئيس الذي فاقم من تدني مستوى مخرجات اللجان، هو تراجع الحراك الشعبي، الأمر الذي يجعل من توفير عناصر استنهاض الحالة الشعبية ليعود الحراك الشعبي إلى ما كان، وفي مقدمة هذه العوامل، هو ( الجبهة الوطنية للإصلاح ) كإطار وطني جامع لكل الساعين من أجل الإصلاح الشامل في البلاد، بالإضافة إلى برنامج وطني واضح ترتكز عليه هذه الجبهة.
إن هذه الجبهة مسألة في غاية الأهمية والضرورة لأنها بلا شك ستكون رافعة حقيقية وقوة دفع لاستنهاض الحالة الشعبية لتعود لتمارس دورها في الفعل والضغط لإنجاز إصلاح سياسي بعيداً عن كل محاولات التلكؤ أو الاحتواء.