ماذا تبقى من وادي عربة؟ / جهاد المنسي
تدخل هذه الايام الذكرى السنوية الخامسة والعشرون على توقيع اتفاقية وادي عربة بين الأردن والكيان الصهيوني، وبعيدا عن رفضي لأي اتفاقيات سلام مع هذا الكيان الذي لا يحفظ عهودا ولا مواثيق ولا يؤمن باتفاقيات، ابتداء من اتفاقية كامب ديفيد بين الكيان ومصر، مرورا باتفاقية اوسلو بين الكيان والسلطة الفلسطينية انتهاء بوادي عربة، فإنه من المفيد بعد تلك السنين أن نسأل انفسنا وحكوماتنا ماذا استفدنا من الاتفاقية، وماذا حققنا طوال تلك السنين؟
لو دققنا النظر فإننا سنجد اننا لم نحقق الكثير جراء توقيع وادي عربة فالكيان الصهيوني هضم حقوقنا المائية واقام مطارات قرب حدودنا الدولية، وانتهك ولايتنا الدينية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، وأدخل عملاء الموساد لساحتنا المحلية، وقتل بدم بارد مواطنينا على المعابر الرسمية دون أي تفسير عن سبب ذلك، واعتقل ابناءنا وبناتنا عند دخول فلسطين المحتلة دون مبررات، وعمل على قطع علاقاتنا الدولية مع دول العالم لزيادة الضغط علينا اقتصاديا وسياسيا.
الكيان الصهيوني لديه جملة خروقات للاتفاقية التي باتت بالنسبة له حبرا على ورق ولم يلتزم بها رغم التزامنا بها حتى اليوم، فبالإضافة الى موضوع المطار الصهيوني الذي اقيم بالقرب من ايلات، وتعتبر اقامته خرقا واضحا وفاضحا للاتفاقية التي تنص بأن “يأخذ الطرفان في الاعتبار المفاوضات فيما بينهما حول افتتاح ممر جوي وفقا لإعلان واشنطن”، كما لم يلتزم الكيان بالنص الذي يفرض على الجانبين الدخول بمفاوضات على الترتيبات التي ستمكنهما من التنمية المشتركة لمدينة العقبة وإيلات، وهما الأمران اللذان لم يلتزم بهما الكيان الصهيوني، ولم يهتم لرفض الحكومة الأردنية لإقامة المطار، وأيضا فإن شركات سياحة صهيونية لجأت إلى تسويق مدينة البترا الأردنية باعتبارها تابعة لبرنامجها السياحي، مستفيدة من تسهيلات التنقل التي يوفرها الجانب الأردني بناء على اتفاقية وادي عربة، فتستقطب الشركات الصهيونية سواحا من كل دول العالم لزبارة البترا ليوم واحد دون أن يكون لوجودهم ضمن تلك المعادلة أي أثر إيجابي على الاقتصاد الأردني.
الخروقات الصهيونية لوادي عربة لا تنتهي، إضافة الى خروقات المياه، فإن الكيان لم يلتزم ببنود الاتفاقية في كل النصوص ولم يراع أي شرط من شروطها، ونظر من خلالها إلى مصالحه الاقتصادية، كما أنه ومن خلال ممارساته القمعية وغير الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني وانتهاكاته اليومية للمسجد الأقصى وبناء المستوطنات وتغيير معالم غور الأردن يدلل، ويؤكد أن هذا الكيان الفاشي غير عابئ بالسلام، وإنما يريده جسر عبور للمنطقة لا أكثر ولا أقل.
هذا الكيان قتل القاضي الأردني رائد زعيتر على معبر الحدود بدم بارد، وقتل الشهيد سعيد العمرو، في القدس المحتلة، وهو ايضا يعتقل الأردنيين هبة اللبدي وعبد الرحمن مرعي دون وجه حق او مسوغ قانوني، كما ان حارس سفارته في عمان قتل أردنيين وتم الاحتفال به من قبل قادة الكيان، وأيضا يواصل أسر أردنيين في سجونه دون أن يقبل بتسليمهم لبلادهم.
اليوم على حكومتنا أن تعترف أن أحلام السلام لمن كانوا يراهنون عليها قد تبددت وتبخرت، وان من كان يعتقد ان العسل سنتذوقه جراء الاتفاقية لم يستفد منها قيد انملة، وان الكيان الصهيوني في سياساته العدائية والتصعيدية والاستيطانية، ضرب عرض الحائط بكل الاتفاقيات سواء وادي عربة أو اوسلو او القرارات الدولية.
وبالرغم من تعاقب السنين، إلا أن الشعب الأردني بقطاعاته كافة، ما يزال يؤكد رفضه لأشكال التطبيع كافة مع العدو الذي ما انفك يثبت عدم التزامه بمقومات ما يسمى بالسلام، مع استمراره بتهويد القدس ومواصلته لحفريات تحت المسجد الأقصى. السؤال لحكومتنا ونحن على مشارف العام الخامس والعشرين من توقيع الاتفاقية: ترى ماذا تبقى منها؟