مقالات

مائة يوم من التوقيعات والمصافحات الترامبية!

بدأت ملامح الترامبية تظهر عبر المراسيم التي وقعها خلال المائة يوم الأولى .داخليا : قام ترامب بالانقلاب الكامل على سياسات سلفه أوباما على كافة الأصعدة. ما سيؤدي إلى توسيع الفروق الاجتماعية على قاعدة الفروق العرقية والدينية. محصلة القرارات الترامبية تعطي مؤشرات أن المرحلة الترامبية ستشهد تعزيزاً لسلطة رأس المال وإعطائها طابعاً (وطنياً) مما سيؤدي إلى أزمات داخل منظومة رأس المال المتشابكة بحكم تداخلها. إن قرارات ترامب التشجيعية لعودة الشركات للعمل داخل الولايات المتحدة عبر تخفيض الضرائب سينعكس سلبا على الدخل القومي الذي سيعوضه برفع قيمة الدولار (ورفع فواتير دول الخليج) مما يعني ضغطاً على العملات الأخرى التي سيكون عليها تغطية العجز.
هذا سيشكل ضربة للكثير من الاقتصاديات التي بنت نفسها على أساس العلاقات السابقة. وسيدخل النظام الرأسمالي العالمي في أزمة جديدة تتطلب إعادة الهيكلة، هذا إذا أضفنا لها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي شكل ضربة لمنظومة رأس المال الأوروبية.
إعادة الهيكلة للنظام الرأسمالي ستشهد عمليات جراحية ستدفع ثمنها الحلقات الأضعف وستشكل دول الخليج أول ضحاياه، حيث ستجبر على تحمل تبعاتها المادية واستحقاقاتها السياسية. وسيفرض عليها إعلان سياسات كانت تطالب دائماً بإعفائها من الإعلان عنها لأسباب داخلية وإقليمية.
خارجياً: ترافقاً مع إعادة الهيكلة سترتفع حدة التوتر مع القوى العالمية الصاعدة روسيا والصين اللتين تشكلان خطراً على خريطة القوة المهيمنة على مركز رأس المال وستشهد العلاقات الدولية توتراً حاداً في ملفي كوريا الشمالية وسورية، حيث سيشكل الملف الكوري ضغطاً على السياسة الصينية في محيط أمنها القومي وسورية ستشكل استنزافاً لروسيا.
من الواضح أن المرحلة القادمة سستشهد هجوماً سياسياً حاداً على كل من روسيا والصين من خلال ملفي كوريا وسورية وإيران لتشكل رأي عام لتقبل إعادة نشر قواتها ومنظومتها العسكرية.
في هذا السياق يفسر القرار الترامبي الذي أطلق يد البنتاغون في رفع تواجد القوات خارج أمريكا التي ستشهد كل من العراق وسورية واليمن وبحر الصين وبحر اليابان أولويات إعادة انتشارها. المرحلة الترامبية ستتعزز بحليفتها البريطانية التي أعلنت عن دعمها المطلق للسياسة الأمريكية حتى لو تتطلب تنفيذ سياساتها (غزواتها) من خارج القوانين الدولية.
أما في منطقة الشرق الأوسط فإنها ستغير صيغة العلاقة من تحالفية إلى تبعية مطلقة وعبر وكيل محلي لذلك ستجبر القوى الإقليمية على إعلان حلفها مع اسرائيل، وموافقتها على تمويل كل الحروب الداخلية القادمة مادياً وبشرياً. وموافقتها على الخطط الإسرائيلية (ومن الممكن أن يعلن ترامب أثناء زيارته للقدس أنها العاصمة الأبدية للدولة اليهودية). وسيطلب من الفلسطينيين أن يخضعوا لصيغة الحل الاقتصادي وأن ينسوا الحل السياسي. مما سيدفع بالخيارات البديلة التي تتطلب تغيرات جيوسياسية لتحقيقها والتحركات في منطقة الجنوب السوري يهدف في الجوهر إلى تغييرات جيوسياسية لأهداف تفكيك وتركيب الإقليم لمصلحة يهودية الدولة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى