لُعبة القادة …
أصوات انفجار هزت المكان، ركضت مسرعة لم تلتقط شيئا سواه، رضيعها المُلقى بين أشلاء أُسرتها الباقية، سَحبته من بين الدماء والدمار وغادرت، ابتعدت كثيرا حتى اختفت الأصوات، لكنه لم ينطق، لم يبكي، ولم يضحك، لم يكن شيئا بل كان وسادة.
صراخٌ محمومٌ بالقهر، ووجع أصابها بالجنون، وجدت امرأة تبكي معها طفلها الذي لم تتمكن أن تعوده، غادرت المكان وبقي هو وأحدهم لا يعرف مصيره القادم. منذ ذلك الزمان وبعد ذاك المكان، لم تزل ام اسعد تحلم بالوطن، ورضيعها، بالبيت ومفتاحه الشاهد على قهرها وتعبها، تجاعيد وجهها التي رسمت خارطة النكبة نكبات متتالية وأوجاع لا تنتهي، وما زالت تجيب ذاك السائل، أنا من يافا وإليها سأعود.
ظل الخوف الساكن بالمكان، المُحتل ينتشر.. رفض أهلها تعليمها خوفا عليها من جنود الاحتلال، لم تحضر الحليب كما هي العادة، سكبته على وجه جندي تحرش بها وهربت، فكان درسها الأهم في الحياة بينما أنتم تصارعون هزيمة أسميتموها نكسة.
يا قادة الزمان والمكان، باسم من تتحدثون؟ باسم من تتنازلون وتفاوضون؟
باسم الشعب نبدأ.. وبفلسطين ننتهي..
«فلسطين التي هي أكثر من ذاكرة، وأكثر من ريشة طاووس، أكثر من ولد، أكثر من خرابيش قلم رصاص على جدار السلم…لقد أخطأنا حين اعتبرنا أن الوطن هو الماضي فقط» فلسطين الوطن، فلسطين المستقبل والقادم الذي نريده.
يا قادة الزمان والمكان أصبحتم أثقل فوق ترابها، ترهقون أبنائها، ألا تسمعون صراخ شهدائها، أصبحتهم كيان معطّل معيق، لم يعد فيكم حجرا صامدا نعمر به بيتا جديدا.
توحدتم …
على قيادة انتفاضة شعبية تخلو من المواجهة، لا تحمل أفق الاشتباك مع المحتل، ولا تسير على برنامج سياسي، توحدتم بلا إجابة على سؤال التحدي القادم، كامل فلسطين.
توحدتم على رفض التطبيع العربي وأنتم الغارقون فيه، ترتكزون على موقف دول لاحقة بقطار التطبيع، توحدتم ضمن مشروع أوسلو وبنيته وهياكله وأدواته التي حاصرتكم وجففت منابع فعلكم المقاوم، توحدتم بلا بُنية مقاومة تفرض حق الفلسطيني في الأرض.
نعم، بإمكانكم صياغة ما تريدون، بإمكانكم قيادة من تشاؤون، ولكن لا تٌنظّروا بأنكم فعلاً وطنياً ضد المحتل. لن تجدوا من يحمل حجراً معكم، ولا من يُسجن بسبب مشروعكم.
أوسلو هي المقتل وهي الجرح الدامي المملّح بالوجع وأنتم مازلتم قادتها.
هو بيت الطاعة والتطويع، أثقلكم الابتزاز وأغرقكم المال، لن تخرجوا عن المشورة، ولن تتوحدوا على مشروع حقيقي، لن يذوب الخلاف، ولا يُجدي أن تتجاهلوه.
يا قادة الزمان والمكان لحظة مواجهة واحدة مع الذات تريكم مصائبكم، تنسيقكم الأمني، مؤسساتكم، اقتتالكم، لحظة مواجهة وكم من اللاجئين في الشتات، وتسألكم أنتم قادة من؟ وباسم من؟
باسم الشعب نبدأ، وبفلسطين ننتهي…