مقالات

ليبيا الواقع.. والأمل 2

ما كان غير ظاهر وتحت السطح ،من تدخلات اقليمية ودولية في الساحة الليبية ظهر فوق السطح وصار علنيا اثر الهجوم العسكري الأخير لقوات المشير حفتر بعد إعلانه ساعة الصفر.

وبدأ الهجوم بغطاء جوي بطائرات إماراتية وفرنسية تقصف ليلا ونهارا وبإصابات دقيقة ومؤلمة وبغطاء وحملة إعلامية من قنوات فضائية سعودية وإماراتية ومصرية وفرنسية.
دون ان تحقق المراد منها وهو دخول العاصمة طرابلس اللهم إلا بعض التقدم الطفيف في محور اليرموك وصلاح الدين وهو الى الآن بين تراجع وتقدم محدود بين الطرفين ولم يحقق الهجوم المستمر الى هذه الأيام الا السيطرة الجويه شبه الكاملة لصالح قوات المشير حفتر وداعميه مما أوقع قوات حكومة الوفاق والميلشيات الداعمة لها تحت ضغط شديد اختلت من خلاله موازين القوى الأمر الذي دفع بالأتراك للدخول العلني ايضا بإعلان الاتفاق الاستراتيجي بينهم وحكومة الوفاق حكومة فايز السراج وليعلن اردوغان أنه سيرسل بقوات له الى ليبيا اذا طلبت حكومة السراج ذلك.وبعد يومين طلبت حكومة السراج الدعم العسكري التركي وأحال اردوغان طلبها للبرلمان التركي الذي أقر الاتفاقية للحصول على موافقته على إرسال قوات عسكرية لدعم حكومة السراج بطرابلس.وما أستغربه استعار الحملة الإعلامية الكبيرة ضد التدخل التركي في ليبيا وكأنه يتدخل الآن وهو المتدخل ومعه قطر وايطاليا منذ بداية الأزمة الليبية داعمين لمليشيات الاخوان والسراج والجبهة المقاتلة ومسلحين آخرين وبقايا من الجيش الليبي.
وتستعر الحملة الإعلامية ضد التدخل التركي القديم الجديد دون ان تلتفت هذه الحملة الى الأطراف الأخرى المتدخلة والغارقة في الأزمة الليبية (مصر والامارات والسعودية وفرنسا).إنني أفهم دافع هذه الحملة الإعلامية التي تنظر بعين واحدة حين تصدر من الوسائل الإعلامية للدول الداعمة للمشير حفتر وما ترمي اليه،ولكن مالم أفهمه هو ان يكون بعض منها صادر عن قنوات وطنية وقومية وعن نخبة وطنية سياسية مثقفة فتشارك الجميع في الكيل بمكيالين والنظر بعين واحدة.
فكل مايجري في ليبيا من تدخلات عربية إقليمية ودولية،هو مدان ومرفوض واستباحة للأرض الليبية ولدماء شعبها وعلى كافة المنظمات والاحزاب والنقابات والنخب السياسية والثقافية من أحرار الأمة العربية والاسلامية ان تدين وترفض وتنهض في وجه هذه الحملات العسكريه المستبيحة للأرض الليبية من أي كان ومهما كان ،فجميع هذه الدول مصر والسعودية والامارات وفرنسا وتركيا وقطر وايطاليا متورطون في استباحة الارض والدماء الليبية وتقف من ورائهم بصمتها المتآمر امريكا وبريطانيا.
اما مستجدات الأحداث فهي ظهور ما كان مخفي عن العموم الى السطح،وتصعيد يصل الى كسر العظم،وللأسف اللحم والعظم منا نحن الشعب الليبي.
إن الإتفاق الاستراتيجي بين حكومة السراج وتركيا يجب ان يتم فهمه على خلفية اتفاق سبقه وبسرية كاملة الى أن تم الاعلان عنه بين مصر وقبرص واليونان لترسيم الحدود بينهم مما يتيح لهم جميعا وطبقا للقانون الدولي ان يستثمروا في البحر المتوسط بالتنقيب عن النفط والغاز وقد كان،والاتفاقية جرى الوصول اليها بسريّة كاملة بين الدول الثلاثة حتى لا تعلم تركيا فتعيق الاتفاق لاغراض لها وهي:
1- لم ترسم حدودها البحرية مع اليونان وقبرص لأسباب متعددة ومن بينها خلاف على ملكية جزر في جوارهما.
.2- ترغب تركيا في الضغط على مصر بعدم وصولها لمورد نفطي ينعش اقتصادها
هذا الاتفاق أغاظ تركيا وسكتت غير راغبة وتبحث عن رد مناسب وجدت ذريعته في تصعيد الحرب في ليبيا من قبل الطرف الآخر الذي ادخل طائراته المتطورة بكثافة لحسم المعركة فدعت تركيا السيد السراج لتوقيع الاتفاقيه لتحقيق الأهداف الآتية:
1- إيجاد ذريعة للتدخل بقوات توازن تدخل الأطراف الأخرى وتعدل الميزان وتمنع وقوع أي هزيمة للقوات الموالية للسيد السراج.
2- الإتفاقية حددت حدود مشتركة ليبية تركية ضمت 3جزر قبرصية وجزيرتين يونانيتين مختلف عليهم ضمن الحدود التركية.
إن ما أتوقعه رغم إعلان اردوغان انه سيرسل قواته الى ليبيا ،أنه سيتدخل بشكل نوعي بإرسال طائراته تقصف مواقع متعددة منها قاعدة الوطية الجوية جنوب غرب طرابلس تمهيدا لاستعادة حكومة السراج لها،وقصف تمركزات لقوات المشير حفتر لوقف تقدمها ،وقد يصل الى ان يقوم بقصف مقر قيادة المشير حفتر في منطقة الرجمة ليكون حينها تحييد للسلاح الجوي من الطرفين ليعيد التوازن المختل لدى الطرفين،وتوقعي هذا يفسّر زيارة اردوغان لتونس المفاجئة وبصحبته وزير دفاعه ومدير مخابراته ووزير خارجيته،وكان الهدف طلب موافقة تونس على استخدام مساحة حدودية في اجوائها تضطر لها الطائرات التركية للإلتفاف بخرق الاجواء التونسية لضرب مواقع هامة وعلى رأسها قاعدة الوطية الجوية،وكان هذا دور وزير الدفاع لشرحه..اما مدير مخابراته فتولى طرح موضوع تأكيد تركي بعدم جلب المقاتلين من ذوي الجنسية التونسية المتواجدين شمال سوريا الى غرب ليبيا للقتال لما في ذلك من مخاطر تسللهم داخل تونس وعددهم يفوق 2500مقاتل من بينهم اكثر من 70 قائدا من قيادات الحرب في سوريا،وفي هذا التأكيد تهديد مبطن واضح وصريح…اي في حالة عدم موافقة الحكومة التونسيه على السماح باستخدام محدود لأجوائها سيتم جلب المقاتلين التوانسه الى غرب ليبيا،ومن المتوقع أن تغض تونس النظر عن هذا الاستخدام المحدود والغير مكشوف إعلاميا عند حدوثه.
نعم الامور في ليبيا نحو التصعيد ولكن بحدود رضوخ الأطراف الداعمة والموقدة للحرب لحقيقة أن لا حل عسكري ولا أمني في ليبيا،وحينها سنسمع دعوات المايسترو الأمريكي الى طاولة الحوار، وتنفخ الروح في مؤتمر برلين.

بواسطة
احمد خليفة نائب رئيس المرصد المغاربي لمناهضة التطبيع
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى