نداؤنا

لمن يهمه الأمر | د.سعيد ذياب

في الوقت الذي ينشغل العالم ودولة كبيرها وصغيرها برصد التحول على المستوى الكوني المتمثل بالانزياح الامريكي من مكانه كقطب وحيد لصالح نظام دولي جديد، متحرر من الهيمنة الامريكية، من خلال تعاظم القوة الاقتصادية الصينية وظهورها كقوة منافسة وتجلي ذلك بنشاط سياسي ودبلوماسي يعكس ذلك الحضور الاقتصادي، بالاضافة الى الحرب الروسية مع حلف الناتو من خلال اوكرانيا، تلك الحرب التي رفعت روسيا من خلالها الكرت الاحمر في وجة امريكيا وهيمنتها، في هذا الوقت تبحث دول العالم عن مكانها وعن موطيء قدم لها في هذا النظام الجديد، الا اقطارنا العربية رغم علمهم جميعا ان العالم بشكل او اخر يتصارع على وطننا العربي للهيمنة علية، بسبب عجز الانظمة وغياب الرؤية لم تبذل جهدا كافيا لمواجهة هذا العصر.

لكن وبسبب تشعب الموضوع وتباين الاسباب فى كل قطر عن الاخر فان حديثي سيتركز على الاردن وكيف يستعد لمواجهة هذه المرحلة.

نحن نعرف ان الاردن وبشكل مبكر اختار التحالف مع الولايات المتحدة باعتبارها الورقة الرابحة بالرغم من كلفتها السياسية والوطنية والقومية وما يعنية من مساس بالسيادة والاصطفاف السياسي على الضد من المصالح القومية.

لن اذهب بعيدا، لقد شكل الانفتاح الاقتصادي والسير ببرناج التصحيح مرحلة مفصلية هامة وخطيرة في التاريخ الاردني وتحولا كاملا، في بنية المجتمع من ناحية وبنية الحلف الحاكم من ناحية اخرى وثبت للجميع ان ما نسير علية ليس مجرد خطوات اقتصادية متفرقة واصلاحات هنا او هناك، بل نحن امام مسار يتعمق فى كل يوم، وينتقل من مستوى الى حال اخر لقد بدت الامور اكثر وضوحا مع حكومة الدكتور بشر الخصاونه منذ لحظة تشكيلها وسعيها للتكيف مع المسار الامريكي الاسرائيلي، و ذلك بالعديد من المعاهدات، الامريكية الاردنية ذات الطابع الامني واتفاقية المياة والكهرباء مع الكيان الصهيوني، كان هذا المسار السياسي المتناقض مع المزاج الشعبي قاد الى خطوات غير ديمقراطية، هذا السلوك بدأ مع التدخل المفضوح في الانتخابات البرلمانيه الاخيرة استعدادا للمرحلة، وتلاها تعديلات دستورية من شانها تغيير طابع الحكم، والدخول فى عمل ممنهج لاحتواء النقابات المهنية وبالتالى تحجيمها وشل قدرتها على الفعل والتاثير فى الشأن العام، كان النجاح الاوضح بارزا فى استهداف الاحزاب من خلال ما يعرف بقوانين التحديث السياسى، هذا النهج الذى قاد الى تشكيل ارطة حزبية جديدة وفق الطلب،ينسجم مع ما يعرف بالحكم السلطوي المستتر، احزاب لا تعكس الواقع والمصالح الطبقية والمجتمعية بالتالي يقف البيروقراط المتحالف مع الليبراليين الجدد فرحين بانجازاتهم بتفريغ الحياة النقابية والحزبية بصورة مدهشة، وباقتصاد مترع بالعجز التجاري وفي الموازنه ومديونية فاقت كل الناتج الوطني الاردني، واوصلت الناس الى حالة من العوز والفقر الى حالة غير مسبوقة، كانت حكومة السيد بشر الخصاونة تدرك جيدا ان نجاحها في تمرير تلك السياسات غير ممكن بدون قانون الدفاع، اولا ومجمل القوانين التي تم اقرارها لاحقا وابرزها قانون الجرائم الإلكتروني وقانون الملكية العقارية، حتى توصل الناس الى حالة السكوت الطويل.

ان هذا الحال سيقود الى تكريس النهج والتبعية وعدم القدرة على الاستفادة من المتغير الدولي، فالسياسة الخارجية لا نشعر انها تخدم المصلحة الوطنية وهي مرسومة بالاصل على اساس التحالفات المذكورة، والوضع الداخلى مثقل بالقمع ومعتقلي الرأي.

هذا الحال يضع الدولة بكليتها فى حالة ضعف شديد تتطلب حوارا وطنيا شاملا يناقش كافة الملفات الوطنيه، ان هذا الحوار هو الذي سيقوي المجتمع والدولة ويصحح مسيرتها، حوار ليس مرسوما بشكل مسبق نتائجة كما تهوى قوى البيرقراط المدني والامني والليبراليين الجدد، بل حوار يناقش تحديات المرحلة الجديدة.

هذا نداء لمن يهمه الامر لندخل عصر التعددية القطبية بصورة صحيحة وليست بالاغاني والاهازيج كما دخلنا المئوية الثانية.

ترى هل من مجيب؟

اظهر المزيد

نداء الوطن

محرر موقع حزب الوحدة الشعبية… المزيد »
زر الذهاب إلى الأعلى