لماذا حرمة الجامعات؟ / د. اشرف محمد سمحان
على ضوء ما وقع من جريمة اقتحام مجموعة من الجهلة حرم الجامعة الاردنية، وعجز قوى امن الجامعة عن صدهم ومنعهم، تساءل بعض الاساتذة الذين نكن لهم كل تقدير عن السبب وراء بقاء مفهوم حرمة الجامعات، واستثناؤها من النطاق الذي تبسط قوى الامن العام نفوذها وسلطاتها عليه.
لماذا حرمة الجامعات؟ ولماذا لا يجوز كأصل عام دخول سلطات الامن العام اليها؟ ذلك لحفظ استقلاليتها وضمان الحرية الفكرية فيها من اي مساس بها يمكن ان تتعرض اليه؟ تخيلوا معي لو اتحنا ارجال الامن ان يدخلوا الى الجامعات ويخرجوا منها كيف يشاؤون ووقتما يشاؤون كيف ستكون صورتها؟
ان لرجل الامن هيبة ومنه خشية يفرضها مظهره وتعبر عنها سلطاته حتى المشروعة منها؟ والجامعات لا سلطة فيها فوق سلطة العلم والعلماء، فان وجدت سلطة اخرى تنازعها -وهنا اتحدث عن مظاهر سلطة الامن العام لا عن الغاية منها وهي غاية نقدرها ونتفهم بالكامل اهميتها وضرورتها للمجتمع- فانها تمس دون شك بمثل هذه الاستقلالية التي تستمد منها الجامعة روحها، اذ تجرح مثاليتها هذه مظاهر البحث عن الجريمة والمجرمين.
الجامعات يا سادة تترفع عن كل ذلك، لان المفترض فيها ان ترتقي بكل ما فيها فوق اي عمل يتطلب تدخل الامن العام، بل لا تعدو بعض المظاهر السلبية فيها ما يمكن ان تواجهه قوى الامن الجامعي والتي يفترض فيها -وهنا محور الحديث- ان تكون تحت امرة رئيس الجامعة لا وزير الداخلية او مدير الامن العام، هذا الوضع العام اما ما رأيناه من شذوذ مؤخراً فهو نادر والقاعدة ان النادر لا حكم له، فلا يجوز ان نقرر وضعاً عاماً لمواجهة ظاهرة نادرة وشاذة بشكل كبير كالتي وقعت بالجامعة مؤخراً، ان مثل هذا الشذوذ تتم مواجهته باتاحة الفرصة لرئيس الجامعة لطلب تدخل الامن العام لمواجهة ما وقع بشكل استثنائي، فالحدث الاستثنائي يتطلب قاعدة استثنائية لمواجهته، لا مظهراً عاماً يدوم ويطغى.
والسؤال المشروع الذي يطرح في هذا المقام، لماذا كان لزاماً ان يكون رئيس الجامعة من اساتذتها؟ (اي من اساتذة الجامعات بوجه عام)، وان تكون لجانها ومجالسها مشكلة منهم؟ وان يكونوا هم من يهيمنون على كل جوانبها حتى الادارية منها؟ ذلك لتبقى الجامعة بيد اساتذتها واساتذتها فقط، وهذا مردّه الحفاظ على هذه الاستقلالية من ان يجرحها او يمسها اي مظهر من مظاهر التدخل.
للاسف ما وقع مؤخرا بالجامعة الاردنية أمر لا تستوعبه فكرة الجامعة في ذاتها والنظام القانوني الذي يحكمها .. وهو الذي أخاله دعا الى هذا الطرح وهو امر مؤسف حقا .. مع كل الحب والتقدير لأستاذتنا الذين طرحوا هذه الفكرة والذين نكن لهم كل الاحترام.