لماذا العودة للمفاوضات؟
تعالت الأصوات مرة أخرى بعد القرارات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية ببناء المئات من الوحدات الاستيطانية، وبعد حملات المستوطنين المكثفة بتدنيس المسجد الأقصى، والأصوات المطالبة بتقسيم المسجد زمانياً ومكانياً، وبعد قرار الوفد الفلسطيني المفاوض بتقديم استقالته بسبب عدم جدوى وعدم تقدم المفاوضات، وفي ظل هذه الظروف، وما يتردد من سعي أمريكي نحو تمرير مبادرتها بالقبول بدولة فلسطينية وبحدود مؤقتة؛ نقول في كل هذه الأجواء، طالبت الفصائل الفلسطينية والفعاليات الشعبية بوقف المفاوضات ومغادرتها كاملاً، وتقييم المرحلة برمّتها ورسم إستراتيجية جديدة للمستقبل.
إلا أن الرد من قيادة السلطة الفلسطينية هو الإصرار على التمسك بالتفاوض، والسير على ذات النهج، هذا النهج الذي لن يؤدي إلا إلى تآكل المشروع الوطني الفلسطيني، وإلى إحداث الانقسام الشعبي الفلسطيني، الأمر الذي يدفعنا للسؤال وبشكل قوي، حول السبب الكامن وراء كل هذا الإصرار؟ ومما يعطي أهمية لسؤالنا، أن التقديرات الأمريكية والإسرائيلية تشير إلى إمكانية اندلاع انتفاضة ثالثة في حال وقف المفاوضات!!
نعم بقي أن نقول أن على حركة فتح ولجنتها المركزية في هذه اللحظة الزمنية الفاصلة، مسؤولية وطنية وتاريخية بأن تتبنى الموقف الوطني العام (الشعبي والفصائلي) الذي يطالب بوقف المفاوضات وإنهاء الانقسام وبناء الوحدة الوطنية الفلسطينية.
إن استمرار موقف السلطة الفلسطينية في عنادها وتحديها للإرادة الشعبية، يضع كافة الفئات الشعبية أمام مسؤوليتها الوطنية بترجمة موقفها الرافض لهذه المفاوضات من خلال حركة شعبية واسعة تتجاوز هذا الواقع وتؤسس لمستقبل فاعل ومؤثر.
إننا نرى في دور الحركة الشعبية الفلسطينية في تصويب المسار السياسي مسألة في غاية الإلحاحية والأهمية، خاصة مع ما نشهده من حراك شعبي عربي، هذا الحراك الذي انطلق في عموم الوطن العربي، لمواجهة الفساد والاستبداد وتصويب المسار والتخلص من التبعية.
إنها مرحلة مفتوحة بالكامل، وعلينا أن نستعد لتحمل تبعاتها بل وأن يكون لنا دور في توجيه الأحداث بما يخدم المصلحة الوطنية والقومية.