لماذا الدعوة للمجلس الوطني الفلسطيني؟ / حاتم استانبولي
لماذا الدعوة للمجلس الوطني الفلسطيني؟
قبل الخوض في أسباب الدعوة، علينا أن ندقق بالمتغيرات والقوى التي تتحكم في الوضع الفلسطيني. منظمة التحرير الفلسطينية تصارع في إطارها عدة اتجاهات، الأولى: التي حسمت خياراتها مع الاحتلال وتطرح رؤية للتعايش معه. وهذا الطرف يستطيع أن يذهب بعيدا لتخريب أية خطوات من الممكن أن تعيد الوحدة لفصائل الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية.
الثانية: ترى أن يستمر الحفاظ على ما تم من إنجازات عبر التفاوض والعمل على تطويره. هذه الرؤية أسقطها موقف الإدارة الأمريكية الفاضح المتمثل بأن أي حل لن يتمخض عن دولة فلسطينية مستقلة وأن القدس أصبحت خارج عملية التفاوض. الرؤية الثالثة: والتي تحظى بتاييد واسع من قطاعات شعبنا وقواه ترى أن إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني يتطلب إعادة بناء أداته الوطنية المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها الوطنية التي عليها ان تجمع كافة قواه الوطنية بما فيها حماس والجهاد على قاعدة برنامج وطني يعيد الروح الوطنية النضالية للشعب الفلسطيني بكافة اماكن تواجده ويعيد تموضع القضية الفلسطينية في اطارها الصحيح على قاعدة اعادة صياغة تحالفات الشعب الفلسطيني مع القوى التي ما زالت تساند قضيته الوطنية العادلة.
إن هذه الرؤية تتطلب أن تقوم القوى الوطنية بالضغط على الاتجاه الوطني في حركة فتح لتشكيل جبهة لمواجهة القوى التي تريد ان تاخذ الشعب الفلسطيني وقضيته الى التصفية هذه القوى التي تستند لعمق اقليمي تتقاطع مصالح انظمته مع مصالح الادارتين الامريكية والاسرائيلية.
إن أية دعوة للمجلس الوطني بتركيبته القائمة (هي دعوة حق يراد بها باطل) ويجب التصدي لها. خاصة أن الدعوة يراد منها تشريع خليفة الرئيس محمود عباس كون استقالة (الرئيس) قبل تهيئة بديله واخراجه بثوب (شرعي) فلسطيني حتى لو كان منقوصا سيؤهله أن يكون جزءاً من صفقة القرن. من الواضح أن هنالك همس بدأ يتداول حول شرعية الرئيس الفلسطيني وطاقمه وبدأت الإدارة الأمريكية بخطوات عملية لعزله والرد على موقفه بشأن الراعي لعملية السلام. إن عدم دعوة الفلسطينيين للاجتماع الذي جرى في واشنطن وبمشاركة عربية لمناقشة اوضاع قطاع غزة يفهم منه على انه اول اجراء عملي لعزل الفلسطينيين.
يجب أن يدرك الجميع أن الذي يحضر للشعب الفلسطيني وقضيته هو تصفية بكل معنى الكلمة، ومتطلبات التصفية ستطال الحلقة الأضعف في محيطه. وعلى الفصائل الفلسطينية وقواها، وخاصة الاتجاه الوطني في فتح أن يتحمل مسؤوليته في ايجاد المخرج الوطني والتفاهم على أن هنالك عدة وجهات نظر وطنية فلسطينية من الممكن جمعها في إطار وطني جامع للتصدي للمحتل المستعمر.
القضية الفلسطينية ما زالت قضية وطنية جامعة تستطيع القوى الفلسطينية من خلال توحدها ان تعيدها لتشكل رافعة للنهوض الوطني العربي والقومي خاصة بعد انكشاف حدة التآمر على الشعوب العربية وخيارتها الوطنية الديمقراطية. ان المستفيد الوحيد من هذا التشرذم هي (اسرائيل) وحلفاؤها الإقليميون. إن إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني مستندا لمقاومته المدعومة من المقاومة سيكون مدخلا لإعادة بناء المشروع الوطني الديمقراطي في البلدان العربية.