لا حرب ولا اتفاق بين سلطات الاحتلال و غزة*
إن فكرة إعادة احتلال قطاع غزة، ليست واردة في برامج سلطات الاحتلال برئاسة بنيامين ناتنياهو، ولا برامج الحكومات السابقة، وإلا لما قام الإرهابي الكبير أربيل شارون بتفكيك 17 مستوطنة في غزة ولما جرجر قواته منها .
إن التكتيك المتبع من سلطات الاحتلال الاسرائيلي كما يراه اي مراقب للحركة السياسية والحركة العسكرية تجاه غزة هو تكتيك مبني على عدم إسقاط سلطة حماس بل إضعافها وبقائها في قطاع غزة.لذلك يستمر الحصار عليها حتى تبقى بحاجة سلطات الاحتلال التي تقوم بتشغيل العمال الفلسطينين داخلها والتي تسمح بتمرير البضائع اليها، وفي الفترة الأخيرة الوقود القطري الذي رفع مستوى تزويد سكان القطاع بالكهرباء، وادعى رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو أنه يسعى لتجنب انهيار في قطاع غزة!!!
إن هذا الدعم الاقتصادي لغزة ليس حبا بحركة حماس و المقاومة في غزة بل كي لا تنهار سلطة حماس ويستمر الصراع بينها وبين السلطة الفلسطينية في الضفة برئاسة محمود عباس الذي يسعى لاستمرار الحصار عليها، بل وشن العدوان الصهيوني عليها كي تنهار و تعود غزة تحت سلطته المستسلمة وهذا يعني أن يصبح قويا في المفاوضات مع الاحتلال.
ولذلك فإن سياسة سلطات الاحتلال هي :- « فرق تسد « وهي تدفع عملاءها في جميع الأطراف حتى لا تنفذ المصالحة بين الطرفين سلطة حماس و السلطة الفلسطينية في الضفة فهي تخشى من المصالحة أن تؤدي الى وقف التنسيق الأمني وأن تحصل حماس على حرية الحركة في الضفة. من هنا كان تكتيك العدو المحافظة على الانقسام الفلسطيني من جهة وربط مصالح الطرفين به، ولذلك أخذ نتنياهو يشير الى أن عباس يريد منه شن الحرب على حماس وأنه يقطع الدعم المالي عن غزة ويريد من سلطات الاحتلال أن تمنع اي دعم اقتصادي لغزة حتى تنهار. ولكن يفضل نتنياهو الجمود السياسي وعدم العودة الى المفاوضات مع السلطة الفلسطينية حتى يبقى عباس ضعيفا ايضا و يحملة مسؤولية تدهور الاوضاع في غزة.
إذن لن يعقد اتفاق مع سلطة غزة بل سيستمر في الحوار باستخدام مصر و غيرها لكسب الوقت من جهة والتشكيك من جهة أخرى، والمحصلة هي استمرار الحصار الذي تسعى المقاومة في غزة الحصول عليه، ويعتقد نتنياهو أن الحصار سيؤدي الى تركيع المقاومة واللجوء إلى التنازل في المفاوضات .
بهذه الطريقة التقط نتنياهو الحلقة الأهم من الحرب التي تعني أن أية مواجهة عسكرية ستشمل ضربات متبادلة و هذا يعني أن مدنا ومستوطنات سوف تقع تحت وطأة صواريخ المقاومة ، فإن ما تملكه من سلاح سيكون تأثيره موجع جدا على الوجود الصهيوني.
إن أي مراقب للمواقف السياسية و العسكرية لسلطات الاحتلال سوف يجد أن وزير الحرب أفيغدور ليبرمان هو الوحيد في المجلس الوزاري المصغر الذي يدفع باتجاه خوض حرب عدوانية شاملة على قطاع غزة، حتى نفتالي بينيت وآليت شاكيد من حزب « البيت اليهودي » لا يؤيدون الحرب الشاملة.
ويبدو أن قيادة جيش الاحتلال قد أقنعت القياده السياسية بتأجيل الحرب لعدم جاهزيتها لها خاصة أنه ثبت عدم نجاح « القبة الحديدية » في مواجهة صواريخ المقاومة و أنها لا تزال تكتشف أنفاقا تبنى للدخول الى المناطق المحتلة عام 1948 ،كما تخشى القيادة العسكرية من احتمالات مشاركة المقاومة العربية في حالة نشوب الحرب والتي اثبتت نجاعتها في مواجهة العدوان على سوريا.
لذلك اتبع جيش الاحتلال تكتيك غارات محدودة بعد أن استسهل قتل المشاركين في المسيرات الاسبوعية وردا على رجال المقاومة و صواريخها .
إن تكتيك سلطات الاحتلال أصبح ضمن المتغيرات التي تواجهه مبني على اطالة المفاوضات غير المباشرة وتوجيه ضربات لأهداف خاصة بالمقاومة، و الابتعاد عن شن حرب عدوانية كبيرة .
*تمت كتابة هذا المقال قبل أحداث غزة الأخيرة