كفاكم مراهقة فالشعب ناضج / رنا حسنين
عبر تاريخ البشرية الممتد لآلاف السنين هنالك من الدروس والأحداث التي تثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأن من راهن على خنوع الشعوب كان رهانه خاسراً. فللشعب سطوة وقوة إن أدركها وأحسن استعمالها أودى بأعتى القوى والدكتاتوريات إلى مزابل التاريخ .
إن ما يشهده الوطن في هذ الأيام لهي أمور لم يعتدها هذا الشعب الأبي، من فرض ضرائب غير مبررة، وتعسف في رفع الأسعار وأبواق تنادي وبكل وقاحة وصريح العبارة” لتشليح المواطن” لسداد ما تم سرقته ونهبه من قبل من يظنون بأن هذا الوطن هو مزرعتهم الخاصة وأملاكهم، ولهم حرية التصرف بها كيفما شاؤوا، حيث يظنون بانهم فوق القانون وهم خطوط حمراء ممنوع الاقتراب منهم ومساءلتهم. وربما هم محقون في ظنهم، فلغاية الآن لم توجه لهم أصابع الاتهام ومطالبتهم بإرجاع ما تم سرقته من خيرات هذا الوطن ووجدت الحكومة أن الحل الأسهل هو التوجه لجيب هذا المواطن الكادح الذي بالكاد يجد ما يسد رمقه ورمق أطفاله لسد عجز ميزانية الحكومة.
فما شهدته الساحة الأردنية في الآونة الأخيرة لهو تعد سافر من قبل الحكومة على أبسط حقوق هذا الشعب ومن ورائها مجلس النواب الذي جاء كأكبر خيبة أمل للشعب الأردني في عام 2016، هذا المجلس الذي حتى هذه اللحظة لم يفهم ولم يستوعب بأن الدور الرئيسي المنوط به هو حماية مصالح هذا الشعب وليس تمريره لقوانين تساهم في إفقاره وتزيد من عوزه وتحميله فوق طاقته لا بل ووصل الامر حد معاقبته بتصحيح أخطاء الفاسدين في هذا الوطن وتسديد عجزهم من جيبه بحيث أصبح المواطن بلا جيوب ولا يحتاجها فهو لا يملك شيء ليضعها بهذه الجيوب.
من جانب آخر فهنالك دوما شعاع أمل يبرز في اشد المحن، والذي تمثل في توحد جميع أطياف الشعب بجميع مكوناته ليقف بوجه هذه القرارات التعسفية وليقول لا للحكومة وسياساتها الجائرة ومحاولتها الدائمة في حماية الفاسدين واغماض عيونها عن الفاسدين الحقيقيين في هذا الوطن والذين أوصلوا الوطن لهذا الحال المبكي .
ما تم المناداة به في الآونة الأخيرة وعبر صفحات التواصل من مقاطعة لبعض السلع كالبيض والبطاطا لمحاربة جشع بعض التجار وإجبار الحكومة على التدخل لتحديد أسعار تكون منصفة للجهتين،وكالعادة وبشكل صريح وغير مستغرب عن حكومتنا الرشيدة نجدها في صف الفاسدين.
وما تم حشده من قبل القائمين على هذه الصفحة بمقاطعة شركات الاتصالات والتي كانت في الأول من هذا الشهر وذلك لمنع الحكومة من فرض دينارين على بعض التطبيقات مثل الواتساب والفايبر والماسنجر وبالأصل هذه التطبيقات مجانا، وقد نجحت هذه الحملة بمنع فرض هذه الضريبة .
وقد التف حول هذه الحملة أكثر من مليون مواطن لإيمانهم ووعيهم بضرورة الوقوف بوجه مثل هذه السياسات الجائرة التي تقوم بها الحكومة لسد عجزها حتى ولو لم تحقق مثل هذه الحملات كافة مطالبها، فهي مهمة بايصال رسالة للحكومة بأنه لا وألف لا للسياسات المتبعة ضد هذا الوطن والمواطن، وبأن هذا المواطن قادرعلى رفع صوته والمطالبة بحقوقه وهو يفهم ما يجري وواعي لكل ما يحدث حوله من أمور ويكفي عبثا بقوته وقوت أولاده.
أخيرا ما تنتهجه الحكومة من سياسات لتكميم الأفواه ومصادرة أي وسيلة من وسائل التعبير عن الرأي والمتمثلة أخيرا بإغلاق صفحة المقاطعة واعتقال منشئ الصفحة الناشط عصام الزبن لن تفضي إلى أي حل بل ستراكم من حالة الغضب والإحتقان لدى الشارع الأردني.
فعلى هذه الحكومة التوقف ومراجعة سياساتها التي تؤذي بالمقام الأول الوطن والمواطن، وعليها أن تدرك جيدا ان الأردن ليس حصرا على هذه الحفنة من الفاسدين.