“قناة البحرين”.. حلم صهيوني في طريقه للتحقق
وقع الجانبان الإسرائيلي والأردني، أمس الخميس، اتفاقا للبدء في المرحلة الأولى من تنفيذ مشروع “قناة البحرين”، الذي يربط البحر الأحمر والبحر الميت بواسطة قناة مائية، وإقامة مجمع لتحلية المياه شمال مدينة العقبة الأردنية.
ووصف وزير الطاقة الإسرائيلي، سيلفان شالوم، الاتفاقية بأنها “أهم اتفاقية” بين البلدين منذ توقيع اتفاقية السلام بينهما عام 1994، وقال: “أنا أقف هنا والكثير من المشاعر تنتابني مع التوقيع على الاتفاق التاريخي لإقامة قناة البحرين، نحقق اليوم رؤية بنيامين زئيف هرتسل الذي تنبأ بقيام الدولة، والذي تنبأ في القرن الـ19 بالحاجة إلى إحياء البحر الميت.. يدور الحديث حول اتفاق مهم جدا منذ توقيع اتفاقية السلام مع الأردن. هذا المشروع هو ذروة تعاون ناجح بين إسرائيل والأردن، والذي من شأنه أن يساعد في إعادة تأهيل البحر الميت، ومنح حلول لمشاكل المياه في الأردن، ومشكلة المياه في منطقة العربة”، بحسب ما ذكرت إذاعة “صوت إسرائيل”.
تضمن الاتفاق تحلية مياه البحر الأحمر وتوزيعه بين الأردن وإسرائيل وفلسطين، ونقل المياه المالحة في أعقاب عملية التحلية بقناة يصل طولها إلى 200 كيلومتر إلى البحر الميت، لإنقاذه من الانحسار وانخفاض مستوى المياه فيه.
بداية المشروع
يرجع تاريخ المشروع إلى عام 1850، حينما فكر البريطانيون في كيفية الالتفاف على قناة السويس، ثم أعاد تيودور هرتسل المشروع مرة أخرى في كتابه “أرض الميعاد” عام 1902، تلتها محاولة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، مناحيم بيجن، عام 1981، لكن المشروع لم يكتمل.
في خمسينيات القرن الماضي، قدم البروفيسور الإسرائيلي والخبير في التربة الزراعية، والتر لودرميلك، اقتراحا جديدا عبارة عن مسار على البحر المتوسط يصل ما بين حيفا والبحر الميت، ثم قامت الحكومة الإسرائيلية عام 1977 بتشكيل لجنة لدراسة ثلاثة مقترحات لربط البحرين الميت والمتوسط، واقتراح آخر بربط البحر الأحمر بالبحر الميت عند إيلات.
وفي الثمانينيات تولت شركة “هارزا” الأمريكية، بتمويل من البنك الدولي للإنشاء والتعمير، دراسة المشروع بمختلف مقترحاته، واستمرت في دراساتها حتى 1996، بهدف البحث عن بدائل لتوليد الطاقة لإسرائيل.
إلا أنه في عام 1996، تم تغيير اتجاه المشروع برمته؛ حيث استبدلت قناة تربط البحر الميت بالبحر الأحمر بقناة لربط البحر الميت بالبحر المتوسط، وكذلك الهدف من المشروع، ليتحول إلى استهداف تحلية مياه البحر بواسطة الطاقة الكهربائية المنتجة من المشروع، بحسب موقع “المعرفة”.
السياسة تتحدث
عندما وقعت منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الأردنية اتفاقيات “أوسلو” و”وادي عربة” مع إسرائيل، بدأت تتحرك بقوة باتجاه تنفيذ المشروع الذي أصبح جزءا من عملية الدار البيضاء، التي انطلقت في أعقاب التوقيع على اتفاقيات “أوسلو”. واعتمدت على أساس عقد مؤتمر سنوي للتعاون الاقتصادي ما بين العرب وإسرائيل، تحضره الدول المانحة، لتحسين مستوى التطبيع الاقتصادي العربي-الإسرائيلي، ليندرج المشروع ضمن مشروع أكبر، وهو خطة تطوير وادي الأردن. وفي عام 2002، أعلن رسميا إعادة إحياء هذا المشروع في القمة العالمية للتنمية المستدامة، التي عقدت في جنوب أفريقيا في العام نفسه.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية إن المشروع من شأنه أن يرسخ العلاقات بين الأردن وإسرائيل، ويضمن بشكل كامل تنمية منطقة العربة والعقبة الأردنية، من خلال إمدادهم بالماء العذب المستخدم في الشرب والزراعة، ونقل المياه المالحة من البحر الأحمر إلى البحر الميت بواسطة أنبوب طولة 200 كيلومتر، من أجل رفع منسوب المياه في البحر الميت.
معارضة وفوائد إسرائيلية
تعارض بعض المنظمات البيئية الإسرائيلية المشروع، لأنه سيؤدي إلى تدمير البيئة الطبيعية في البحر الميت الذي يتعرض لانخفاض متزايد في منسوب مياهه، وتقول منظمة “آدم بتيفع” أو “رجل الطبيعة” ومنظمات أخرى مثل أصدقاء الأرض، إن “القناة ستدمر البيئة الخاصة التي يتمتع بها البحر الميت، والمياه الجوفية في منطقة وادي عربة والنقب والعقبة”، وترفض هذه المنظمات إقامته نهائيا، مشيرة إلى أن إسرائيل لا تهتم بالأضرار البيئية المترتبة على المشروع.
وتعتبر إسرائيل هي المستفيد الأكبر من بين الدول المشاركة في المشروع، ففي المرحلة الثانية سيتم إقامة منشآت لتوليد الكهرباء من خلال الاستفادة بالارتفاع الشاهق للمياه الساقطة إلى البحر الميت، وهو ما سيولد كميات كبيرة من الكهرباء للجانب “الإسرائيلي”.
كما تسعى تل أبيب إلى استخدام مياه المشروع في تبريد مفاعل “ديمونة”، الموجود بصحراء النقب، والذي يتم تبريده حاليا بواسطة الهواء، الأمر الذي سيؤدي إلى توفير الكثير من النفقات المالية بالنسبة “لإسرائيل”.
ويساعد المشروع الجانب “الإسرائيلي”، بحسب صحيفة “كلكليست”، على التوسع في إنشاء مصانع البتروكيماويات على ساحل البحر الميت، وهي المشروعات التي أدت إلى تراجع منسوبه خلال السنوات الماضية، إضافة إلى القضاء على الأحياء المائية فيه، نتيجة صرف المصانع عوادمها داخل البحر.
ويدفع المشروع “إسرائيل” لتنمية منطقة صحراء النقب من الناحية الاقتصادية. وبدأت بالفعل في اتخاذ الخطوات الأولى لنقل معظم قواعد الجيش إلى النقب، إضافة إلى مشروع “برافر” الخاص بتهجير بدو النقب.
وتسعى تل أبيب من وراء ذلك إلى استغلال النقب والمساحة التي تشغلها قواعد الجيش بوسط إسرائيل، لعمل مشروعات اقتصادية وتكنولوجية منتجة.
المصدر: دوت مصر