قرارات غير عادية يلزمها قرارات جريئة غير عادية / حاتم استانبولي
في أقل من شهر، اتخذت ثلاثة قرارات تتعلق بالقدس والمستوطنات. ومن الواضح أن حكومة “إسرائيل” تستثمر وجود ترامب في البيت الابيض لاستمرار فرض وقائع على الأرض لتنفيذ رؤيتها التي تتلخص بخطة شارون أن الضفة أرض فلسطينية وغزة هي الدولة الفلسطينية. والتعامل مع الفلسطينيين بالضفة كمشكلة تجمعات سكانية يجب التعامل معها بالتعاون مع المحيط الإقليمي والدولي.
القرارات الثلاثة جاءت بعد إدراك “إسرائيل” أمريكا أن تمريرهم لن يكون له اي اثر سلبي على الارض وان حدود ردات الفعل لن تتعدى الصراخ المعهود وخروج بعض التظاهرات المحدودة التي يمكن السيطرة عليها . وبالتعاون بين الحكومة “الإسرائيلية” والبيت الابيض يمكن تجاوز ردات الفعل المتوقعة. فالسلطة الفلسطينية لن تستطيع الخروج من الاطار والتعهدات التي الزمت نفسها بها .
ودول الاعتدال العربي لن تستطيع الخروج من تحت العباءة الأمريكية، ولكل منها اسبابها الخاصة . ومن الواضح ان الأردن وفلسطين هما الطرفان الاكثر تضررا من القرارات الثلاث وسيتحملان تبعات هذه القرارات التي اسقطت كل المراهنات على الحل السياسي.
فلسطينيا : القرارات وضعت( القيادة ) امام خيار وحيد هو الاعتراف بان اوسلو وتبعاته وتفريخاته هي التي حولت القضية الفلسطينية من قضية تحررية الى مشكلة سكانية وهي التي وافقت على رؤية شمعون بيرس عندما طرح ان التوسع في المستوطنات هو ضرورة طبيعية ناتج عن التزايد السكاني في المستوطنات في حين لم تطرح بالمقابل ضرورة التوسع السكاني الفلسطيني . هذا الخيار الذي أفرغ القضية الفلسطينية من محتواها الوطني التحرري ووضعها في إطار الرؤية الأمريكية “الإسرائيلية” واستخدمت كورقة لتغطية الموقف الأمريكي المعادي للشعوب العربية .
إن اجتماع المجلس المركزي يجب ان يخرج بقرارات واضحة ومحددة يعيد فيها تموضع القضية الفلسطينية كقضية وطنية تحررية ويطلب الحماية الدولية للشعب الفلسطيني من خلال التطبيق الفعال للقرارات الدولية وملاحقة “إسرائيل” كدولة ارهابية في المحافل الدولية. هذا خيار لا يمكن ان يكون له ارجل الا بإعادة وطنية الوحدة الفلسطينية على قاعدة البرنامج الوطني الذي يفرض اعادة صياغة العلاقات الفلسطينية العربية والدولية ويتخذ قرارات جريئة بوحدة الموقف الفلسطيني الأردني من خلال سحب تواقيع الرئيس عباس عن كل الاتفاقات الموقعة بدءً من أوسلو وباريس والقاهرة وشرم الشيخ والعقبة واعتبار قطاع غزة الجزء المحرر والتعامل معه على اساس قاعدة ارتكاز فلسطينية بإدارة ذاتية بالتنسيق مع مصر.
اردنيا : الأردن سيتحمل ارتدادات القرارات الأمريكية “الإسرائيلية” بما يتعلق بالأماكن المقدسة وتبعات تطبيق القوانين “الإسرائيلية” على الضفة الذي سيقوض أية إمكانية للدولة الفلسطينية، وما سينشأ عن ذلك من تغييرات ديمغرافية ستفرض بالتدريج على الأردن كدولة وما يتبعه من ارتدادات اجتماعية وسياسية. فالمصلحة الأردنية الفلسطينية تقتضي التنسيق المشترك لوضع استراتيجية لمواجهة تبعات القرارات الثلاث وما سيلحقه من قرارات اقتصادية ومالية وسياسية لإجبار كل من عمان ورام الله الموافقة او السكوت عليها.
المصلحة المشتركة بين الأردن والفلسطينيين تقتضي التعامل مع المستجد الذي يستهدف الطرفين بالعودة الى الأصل48وما نتج عن حرب ال67 وإعادة الملف الفلسطيني إلى قاعدة الحل القانوني. هذه الرؤية تقلب الطاولة وتقوي وحدة الموقف ولن تكون هنالك اية اشكالية حول طبيعة العلاقة بعد استعادة الأرض التي احتلت عام 67 والمطالبة بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني من خلال المطالبة بعودة اللاجئين (48). هذا الخيار السياسي المشترك سيقوض الأساس القانوني لدولة اسرائيل.