أخبار محلية

قراءة في تداعيات إسقاط الطائرة الروسية: هل تبخرت الأحلام التركية بـ “منطقة عازلة”؟!

  • ذياب: الحضور الروسي في سوريا فرض شبه إجماع دولي على أولوية محاربة الإرهاب والقضاء عليه، الأمر الذي لم يرق للأتراك
  • حطيط: روسيا والحلف الأطلسي لم ينزلقا إلى ما تشتهيه تركيا، ونشر منظومات الدفاع الجوي إس 300 و إس 400 يدفن فكرة المنطقة العازلة

 

لم يكن إسقاط الطائرة الروسية يوم أول من أمس حدثاً عادياً، ولا يمكن لأي مطلع وضع التصرف التركي في خانة القرار الفردي أو من باب “الحفاظ على السيادة التركية لأراضيها”. ولن تنحصر تداعيات الحادث ببيان استنكاري روسي يقابله بيان توضيحي تركي. فالحادثة سيكون لها ما بعدها من تداعيات ليس على المنطقة الحدودية السورية-التركية وإنما على الإقليم برمته.

فالأتراك الأكثر تحمساً لإسقاط النظام السوري والأكثر عملاً وفعلاً على الأرض من أجل ذلك، لم يستطيعوا قبول وتقبل النجاحات المتتالية للجيش السوري بغطاء جوي روسي في كافة المناطق السورية وبخاصة في الشمال السوري قرب الحدود التركية التي تعتبر الممر الرئيسي لتدفق الجماعات الإرهابية إلى الداخل السوري. ووفقاً للخبير العسكري اللبناني أمين حطيط، فإنه إثر النتائج الباهرة التي حققتها العمليات العسكرية للجيش السوري وبمساعدة برية من المقاومة وجوية من القوات الروسية، بات المشهد في سوريا بشكل مؤكد لصالح القوى المدافعة عن سورية وبشكل ينبئ بأن من شن العدوان على سورية مقتنع بأن هناك عجز مطبق بتحقيق أهداف عدوانه، من هنا نستطيع فهم –وفق حطيط- قيام تركيا بإسقاط الطائرة الروسية كنوع من كان الضغط على القوى المشاركة في العملية الدفاعية (روسيا) للتراجع عن تقديم المساعدة لسورية في هذا النطاق.

ويرى حطيط وهو الخبير العسكري والعميد المتقاعد في الجيش اللبناني في اتصال أجرته معه نداء الوطن أن تركيا حاولت، خاصة بعد الضربات المؤلمة التي وجهها الطيران الروسي لداعش في خط إمداده النفطي شرقاً وللعصابات الإرهابية في أماكن تواجدها في الشمال الغربي من سورية، وجدت تركيا بعد هذه الضربات أن الأمور تتسارع لغير مصلحتها، وفي تقدير الخبراء أن استمرار العمليات العسكرية الناجحة على الأرض السورية بالشكل الذي تتم فيه الآن، سيؤدي في مهلة لا تتجاوز الشهرين إلى إغلاق الحدود التركية بوجه الإرهابيين وخروج تركيا من الميدان السوري وتعطل أي دور لها فيما يحكى عن حل سياسي.

من جهته رأى الدكتور سعيد ذياب أن التوافق الدولي على أولوية محاربة الإرهاب والذي استطاعت روسيا فرضه على المجتمع الدولي في ظل تزايد المخاوف من التهديدات الإرهابية، هذا التوافق لم يَرُق لتركيا، التي دخلت ومنذ بداية الأزمة السورية على أساس إسقاط النظام، وترجمت مشروعها المعروف (العثمانية الجديدة) لتعزيز نفوذها في سوريا من خلال هيمنة المجموعات الإسلامية الإرهابية.

هذا التباين في الرؤية التركية مع روسيا ومعظم دول العالم وفق ذياب، دفعها لجلب حالة من التعاطف معها، وإعادة الانتباه ووضع الأولوية للتصادم مع النظام على حساب مواجهة الإرهاب. ومن هنا، جاء افتعالها لهذه الضربة لدفع الناتو للوقوف معها ودعمها في مواجهة التدخل الروسي.

ويلفت الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية الدكتور سعيد ذياب إلى أن الحضور الروسي المكثف والقوي في سورية خلق في الفترة الأخيرة واقعاً جديداً على صعيد الأزمة السورية، هذا الواقع هو الذي أعطى الروس القدرة على فرض شبه إجماع دولي على أولوية محاربة الإرهاب والقضاء عليه. وبالتوازي مع ذلك، استطاع الروس خلق توجه دولي نحو حل سياسي للأزمة السورية يحافظ على الدولة السورية ووحدتها وعلمانيتها.

ويشير ذياب كذلك إلى القلق لدى تركيا من النجاحات الميدانية العسكرية التي حققها الجيش العربي السوري وحلفاؤه، والهزيمة التي بدأت تلوح في الأفق للمجموعات الإرهابية. فبقدر ما كشفت هذه الضربة التركية عن الوجه الحقيقي لتركيا كداعمة للمجموعات الإرهابية، فإنها في الوقت ذاته، أوجبت على روسيا أخذ موقف حاسم من أي تدخل تركي في الجغرافيا السورية، الأمر الذي يجعلنا نترقب موقفاً روسياً أكثر فعالية في مواجهة النزق الأردوغاني.

القصف الروسي العنيف لمناطق ريف اللاذقية بعد ساعات من إسقاط الطائرة، يؤكد على أن روسيا ماضية في مخططاتها على صعيد الأزمة السورية ومحاربة كافة الجماعات الإرهابية ووفق تنسيق وتوافق تام مع حلفائها في المنطقة سورية وإيران. 

ويرى العميد المتقاعد أمين حطيط أن أياً من روسيا والحلف الأطلسي لم ينزلق إلى ما تشتهيه تركيا، وكانت ردة فعل روسيا مؤثرة ومؤلمة لتركيا تجعلها تخسر ما تبقى لها من وريقات، خاصة بعد التدابير الروسية التي اتخذت عسكرياً بنشر منظومات الدفاع الجوي من إس 300 ولاحقاً إس 400، وإقامة فضاء ناري داخل تركيا بعمق 250 كم، وإعلان روسيا بأنها ستدمر أي طائرة ترى فيها تهديداً لطيرانها، ما يعني أن حلم المنطقة الآمنة التركية دفن إلى غير رجعة.

في انتظار ما ستسفر عنه الأسابيع القليلة القادمة من نتائج ميدانية على الأرض، يبدو أن انتصارات الجيش السوري المتتالية تساهم في انكشاف الرعاة الرسميين للإرهاب في سورية والمنطقة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى