قانون ضريبة الدخل من جديد
مرة أخرى يعود قانون ضريبة الدخل ليتصدر المشهد الإعلامى والسياسي، بالتزامن مع انطلاق أعمال الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، والتي لم تقم الحكومة بإدراج مشروع قانون الضريبة على جدول أعمالها. حيث يتم تداول إمكانيه إدراجه على جدول أعمال الدورة لاحقاً، وذلك دون أن تصدر أية مؤشرات حول ما إذا كانت حكومة الرزاز قد أدخلت تعديلات جذرية على مشروع حكومة الملقي، أم أنها ستقوم بتقديمه كما ورد من الحكومة السابقة. وبرغم عدم وضوح الصورة، فإن ما يتسرب يعكس طبيعة الصراع بين «الصندوقيين» أي أولئك الحريصون على الالتزام والانضباط لشروط صندوق النقد الدولى من جهة، وبين الاتجاه الآخر الذى يريد أخذ العبرة والاعتبار للمطالبات الشعبية برفض هذا القانون واعتباره الأرضية لإفقار الطبقه الوسطى وما يعنى ذلك من انعكاسات خطيرة على النسيج الاجتماعي.
لقد دللت الأشهر الماضية على أن صناع القرار لم يغادروا الإطار الناظم لنهج التبعية للمؤسسات الدولية، على الرغم مما سببته من كوارث اقتصادية واجتماعية، وعلى الرغم من المطالبة الشعبية الملحة بالتخلص من هذا النهج، والمبادرة إلى وضع أسس الاعتماد على الذات، بدءاً من سن تشريعات قانونية ترفع من شأن الاعتماد على الذات وتشيع ثقافة الانتاج وتخليص المجتمع من ثقافة المظاهر والمباهاة بالاستهلاك الزائد.
يجب أن لا تقف المطالب عند حدود تعديل قانون ضريبة الدخل، بقدر ما نحن بحاجة ماسة إلى إعادة النظر بمجمل السياسة الضريبية، وبشكل خاص ضريبة المبيعات. والمسارعة إلى إلغاء الضريبة التي استهدفت سلع غذائيه أساسية أقدمت عليها الحكومه السابقه. ونرى أن الجراة في ملاحقة التهرب الضريبى بقدر ما هو إعمال للقانون، فهو في الآن ذاته ملاحقة للفساد وبعض الفاسدين.
إن المسارعة إلى بلورة رؤيه متكاملة للنظام الضريبي، تتوخى تحقيق العدالة الاجتماعية، وتحارب كل تجليات الفساد، سيقود حتما إلى إحداث انفراج في الاحتقان الاجتماعي من جهة وسيشكل مدخلاً لبناء الثقة بين الحكومة والشعب، بعد أن أصبحت أزمه الثقه هي السائدة.