مقالات

قانون الانتخاب.. الاستحقاق المرتقب / ماجد توبة

یبدو طبیعیا تزاید النقاش العام حول التعدیلات المطلوبة لقانون الانتخاب رغم وجود فترة طویلة نسبیا على استحقاق الانتخابات  النیابیة القادمة المتوقع اجراؤھا نھایة العام المقبل بالتزامن مع انتھاء الولایة الدستوریة لمجلس النواب الثامن عشر، فھذا القانون یعد الأھم وتاج القوانین الناظمة للحیاة السیاسیة بل والمدخل الحقیقي لتطویر الحیاة السیاسیة والمشاركة الشعبیة في صناعة القرار العام.

وفیما لا تبدو الصورة واضحة رسمیا تجاه شكل وجوھر التعدیلات التي سیستقر علیھا القانون المقبل، المتوقع إحالته إلى مجلس الأمة بدورته العادیة الرابعة والأخیرة نھایة العام الحالي، وتأكید الحكومة على أن التعدیلات المنشودة ستكون محل حوار وطني وتوافقات، فإن الساحة السیاسیة تحفل بالعدید من الآراء والتصورات والمقترحات للتعدیلات المطلوبة، حیث ینصب التركیز ھنا على النظام الانتخابي بصورة أساسیة، باعتباره حجر الزاویة لقانون الانتخاب ومحل الخلاف الرئیسي منذ تعدیل قانون الانتخاب الذي جرت بموجبھ انتخابات 1993 ،والذي اعتمد نظام الصوت الواحد.

التطویر الایجابي نسبیا على النظام الانتخابي حصل في القانونین الماضي (العام 2013( والحالي (2016 ،(حیث اعتمد الأول نظام صوتین للناخب، الأول صوت للدائرة المحلیة والثاني للدائرة العامة على مستوى الوطن (لقوائم نسبیة مغلقة)، فیما اعتمد في  الانتخابات الثانیة الاخیرة نظام القائمة النسبیة المفتوحة على مستوى الدائرة الانتخابیة وحصر الترشح على قوائم لا یقل عدد مرشحیھا عن ثلاثة ولا یتجاوز عدد مقاعد الدائرة.

في النظامین المذكورین تم مبدئیا تجاوز عقدة الصوت الواحد المرفوض بشبھ اجماع وطني منذ اقراره قبل اكثر من 25 عاما، لكن في الحالتین، ورغم الایجابیات فیھما فقد سجلت فیھما سلبیات عدیدة وقصور ولم یرتقیا إلى مستوى الطموح بانتخاب مجلس نواب قوي وفاعل وعلى أسس سیاسیة وبرامجیة، وتم بالمحصلة إعادة انتاج تجربتین شبیھتین الى حد كبیر في المجلسین النیابیین الحالي والسابق، ما أبقى المطالبة بتطویر قانون الانتخاب ونظامھ شعارا مركزیا للقوى السیاسیة والمجتمعیة.

یمكن أن یشكل النظام الانتخابي الأخیر الذي اعتمد بانتخابات المجلس الحالي (القائمة النسبیة المفتوحة) أساسا وأرضیة مناسبة للانطلاق منھ لتطویر النظام الانتخابي وتحسین شروطھ لدعم الترشح وفق القوائم البرامجیة والسیاسیة، سواء على مستوى الدائرة المحلیة او المحافظة أو على مستوى الدائرة العامة على مستوى الوطن، مع ضرورة دعم وتشجیع قیام القوائم المتنافسة على أسس حزبیة وائتلافیة ورفع حصة ھذه القوائم من مجمل المقاعد النیابیة للمجلس المقبل، والذي بات مرتقبا خفض عدد مقاعده إلى حدود المائة مقعد من أصل 130 مقعدا حالیا.

لیس مطلوبا منا أن نعید اختراع العجلة في قانون الانتخاب ونظامھ، وثمة سلة متنوعة من الأنظمة الانتخابیة التقدمیة والمناسبة التي یمكن تكییفھا وتطویرھا لتخدم الحالة الأردنیة، لكن على قاعدة أن تتوفر الإرادة السیاسیة الحقیقیة والإیمان بضرورة التطویر لإنتاج حیاة سیاسیة وبرلمانیة غیر مشوھة وفاعلة وتمكن من تحقیق المشاركة الشعبیة بصناعة القرار العام، وتعید الثقة الشعبیة الغالیة بالبرلمان والمؤسسة التشریعیة.

بموازاة التعدیل التشریعي المطلوب على النظام الانتخابي فإن المطلوب أیضا وبما لا یقل أھمیة تطویر وتشدید الاجراءات والضمانات القانونیة لسلامة العملیة الانتخابیة بكل مراحلھا وبما یتصدى بقوة للمال السیاسي الذي یؤدي التساھل معھ إلى تخریب أھم عملیة انتخابیة حتى لو جرت وفق أفضل الأنظمة الانتخابیة والقوانین.

 

بواسطة
ماجد توبة
المصدر
جريدة الغد
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى