في ندوة عقدتها دائرة الإعلام في “الوحدة الشعبية” المشاركون يؤكدون على أهمية استشذكار هبة نيسان والبحث في سبل التصدي للنهج الحكومي السائد .
أكد المشاركون في الندوة التي عقدتها دائرة الإعلام في حزب الوحدة الشعبية تحت عنوان “بعد 29 عام على هبة نيسان .. حراك الشارع الى أين”،على أن أهمية استذكار هبة نيسان ودراسة الظروف التي كانت في تلك الفترة، تكمن في أنها تتطابق مع الواقع الذي يعيشه الشعب الأردني في اللحظة الراهنة. ما يستدعي البحث الجدي عن سبل التخلص من النهج الحكومي السائد منذ تلك الفترة الى الفترة الحالية والبحث عن حلول اقتصادية وسياسية شاملة والابتعاد عن التغول على جيوب المواطنين .
الندوة التي عقدت يوم أمس الثلاثاء وأدراها الدكتور موسى العزب، تحدث فيها كل من الرفيقة عبلة أبو علبة أمين عام حزب الشعب الديمقراطي الأردني الدكتور إبراهيم حجازين الناشط السياسي وعضو التيار الديمقراطي التقدمي، إضافة إلى الدكتور سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني .
وبين الرفيق د. موسى العزب في افتتاح الندوة بأنه في 15 نيسان ١٩٨٩، وبعد أن اتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية المؤلمة والخطيرة، وفي مناخ من الانسداد السياسي، هبت الجماهير الأردنية في معان أولا، ثم في معظم المدن الأردنية، وسقط فيها ضحايا من أبناء الشعب، وهم يطالبون بحقوقهم بلقمة عيشهم وكرامتهم وحريتهم.. واجهتها الحكومة بالقمع والإنكار وملاحقة النشطاء وزجهم في السجون.
ووضح الرفيق د. موسى العزب بأن الحكومة ما تزال تروج لأكذوبة تقول بأن الوقت لم يحن بعد لبلورة حياة حزبية صحيحة، وأن المجتمع يفتقد لثقافة حزبية، وأن المناخ ما يزال معاد للأحزاب ولا يتواءم مع صياغة قانون إنتخاب تتوفر فيه مشاركة حقيقية للأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني المنظمة.. ولكن هل يمكننا أن ننجز إصلاح سياسي حقيقي دون مشاركة من الأحزاب!؟
وشهدت الندوة مداخلات من الحضور من رفاق حزبين وفعاليات وطنية مختلفة أكدوا فيها على اهمية البحث عن سبل لاسقاط الحكومة الحالية ونهجها السياسي والاقتصادي.
وتاليا جزء من مداخلات المتحدثين :
الرفيقة عبلة أبو علبة
بدأت الرفيقة عبلة أبو علبة أمين عام حزب الشعب الديمقراطي الأردني حديثها بتوجيه التحية والتقدير والإجلال للمناضلين الشهداء والمناضلين الأحياء الذين واكبوا هذه المرحلة المجيدة من التاريخ الوطني الأردني, حيث كانت هبة نيسان عام 89 مدخلا الى هبات وانتفاضات عديدة تلتها في ال 90 وما بعدها وصولا الى يومنا هذا.
وقالت أبو علبة بانه لعل من أهم الأسباب التي ادت الى انتفاضة نيسان تمحورت حول عاملين رئيسيين كبيرين الأول يتعلق بالجانب الاقتصادي حيث وصلت الامور الى درجات كبيرة جدا من التردي والانهيار وجميعنا يعرف قصة انهيار سعر صرف الدينار الأردني وحجم البطالة الواسع وحجم الخراب الاقتصادي الذي ساد البلاد في عهد حكومات متعاقبة كان اخرها وأشدها وطأة على المجتمع الاردني حكومة زيد الرفاعي عام 1985 .
وأضافت أبو علبة أنه بالاضافة الى الأزمة الاقتصادية كان هناك أزمة سياسية حادة ونحن جميعا شهدنا على أن الاردن كان محكوما بقانون الطوارئ الذي كان صادرا عام 1935 ثم الاحكام العرفية التي فرضت بعد الاحتلال عام 1967 وبموجب هذا وذلك كان هناك احكام عرفية مفروضة بالبلاد جمدت مواد من الدستور على اثرها اضافة الى ايقاف البرلمان الأردني منذ عام 1957 عندما حل البرلمان الاردني في ذلك الوقت بعد حكومة النابلسي والحكومات التي تلتها اصبحت هي من تصدر القوانين.
الدكتور إبراهيم حجازين
أشار الدكتور إبراهيم حجازين الناشط السياسي وعضو التيار الديمقراطي التقدمي إلى أن هذه الذكرى ذكرى انتفاضة مجيدة ونجم مضيء في ليل أسود كان يغطي سماء الأردن وأننا نقف اجلالا لذكرى الشهداء الذين استشهدوا في مناطق الاردن المختلفة خلال هذه الانتفاضة ونذكر باجلال واحترام الرفاق والاصدقاء وكافة المناضلين الذين اعتقلوا خلال تلك الفترة بالسجون من أجل منع مشاركتهم ولعرقلة تطوير هذه الانتفاضة لاحقا وأضاف بأنه يعتقد أن الحكومة عملت بشكل جيد وهكذا التفت ومنعت الانتفاضة من أن تتوسع وتأخذ مداها المطلوب منها .
وأشار حجازين الى ان حكومة الرفاعي ظنت ان برنامجها السياسي مخلد قبل الانتفاضة بنهجها وشخصياتها لكن هذه الحكومة سقطت وسقطت شخصياتها وذلك يبين أن شعبنا قادر أن يتصدى لهذا النهج وشخصياته وحكوماته وأنهم قادرين على اسقاطها وهذا كان مطلب هذه الانتفاضة وهذا هو مطلب الحراك الشعبي ومطلب القوى السياسي المختلفة حاليا .
وقال الدكتور إبراهيم حجازين إلى أنه من المفيد الاشارة اليها لرسم الاطار العام للظروف التي جرت فيها انتفاضة ال 89 للمقارنة مع الظروف الحالية التي نمر فيها وأولها الأزمة الاقتصادية العالمية الي كان يمر بها النظام الرأسمالي العالمي والتي انعكست على سياسته المتوحشة في مناطق مختلفة من العالم بما فيها منطقتنا وأشار الى انه اضافة للازمة الاقتصادية في تلك الفترة كان الموقف من الاتحاد السوفيتي الذي كان يعيش سنينه الاخيرة وكانمطلوبا الضغط عليه من اجل العمل على انهياره.
الرفيق د. سعيد ذياب
أكد الرفيق د. سعيد ذياب الأمين العام لحزب الوحدة الشبية انه لفهم هذه الازمة وتفنيد كل هذه الذرائع بأنه سيتحدث عن محطتين عاشهما الاقتصاد الاردني محطة ما يمكن ان نسميه الفورة الاقتصادية التي عاشها في بدايات السبعينات والثمنينات التي ارتبطت بارتفاع اسعار النفط وانعكس هذا الشيء على الاردن من خلال عدد من المسائل ومنهم المساعدات. تم الاغداق على الاردن بمساعدات كبيرة جدا وفتحت اسواق الخليج للعمالة الأردنية فتنامت حوالات المغتربين بدرجة كبيرة وفتحت الأبواب امام الصادرات الاردنية وفتحت الابواب أمام الناتج القومي الاردني بشكل لافت للنظر فاصبح هناك توسع في السوق المحلي .
وبين ذياب بأن الاقتصاد في تلك الفترة وهذا الدعم الهائل والمساعدات بدل من أن يتوجه لبناء قاعدة اقتصادية منتجة اتجه لبناء اقتصاد معظمه قطاع خدمات هذا القطاع الذي تنامى وأضر بالعناصر المنتجة , الزراعة قبل هذه الفورة، كانت تشكل في تلك الفترة 30% من الناتج المحلي تقريبا تدنت ووصلت الى 8 – 8.5% تقريبا بالاضافة الى أن حصة الزراعة تراجعت الى الربع بسبب الهجرة من الريف الى المدينة مما ادى الى هبوط نسبة القوى العاملة في قطاع الانتاج الى 29% وهذا التدني في في قطاع القوى العاملة واتجاههم نحو قطاع الخدمات انعكس على طبيعة الحركة العمالية لانه عندما تتحدث عن قطاع الخدمات انت تتحدث في مجموعات قليلة موزعة على عدد من المؤسسات مما يؤدي الى وجود قطاع عمالي غير متماسك عكس عندما يكون لديك مؤسسة اقتصادية منتجة وكبيرة توحد العمال وتخلق منهم قوة نقابية فاعلة هذا التفتت في الحركة العمالية لعب دورا كبيرا جدا على تمكين السلطة من السيطرة على النقابات العمالية وتوجيهها بما يخدم مصالح الحكم بدلا من خدمة مصالح الطبقة العاملة بالرغم من النضالات التي خاضتها الحركة الوطنية .
وأضاف ذياب ان هذا التشوه في الاقتصاد الاردني من خلال توجه الاقتصاد نحو قطاع الخدمات انعكس ايضا على تركز وسائل الانتاج والتنمية في العاصمة مما ادى الى خلق حالة من عدم المساواة بين المحافظات والعاصمة بالاضافة الى خلق نوع من الاحساس بالغبن والظلم بسبب توجيه كل الخدمات (مستشفيات / صيدليات / طرق … الخ) في العاصمة بالاضافة الى التضخم السكاني التي عاشته العاصمة بسبب هجرة سكان الارياف الى عمان مما خلق حالة غير طبيعية بين ما يجري من تنمية في المحافظات وبين الواقع في العاصمة.
ووضح الرفيق د. سعيد ذياب بان هذه الفورة الاقتصادية بقيت على حالها حتى اتت لحظة انهيار اسعار النفط وتوقفت بشكل أو باخر المساعدات وخفت حوالات المغتربين وانكمش سوق العمالة بالخليج امام العمالة الاردنية بدأ الاردن يعيش حالة الازمة ولم يكن قد استغل الفورة الاقتصادية التي سبقتها وهنا تكمن المشكلة المتكررة والشبيهة بكل الحكومات, حكومة زيد الرفاعي بدلا من أن تعالج هذا الوضع الجديد بسياسة اقتصادية مختلفة عما كان سابقا من انفاق مما يأتي من مساعدات استمرت على ذات الدرجة والمستوى من الانفاق الاقتصادي ومع انقطاع المساعدات والبذخ في الانفاق لجأ الى الاستدانة الداخلية والخارجية دون رقيب أو حسيب ودون وجود برلمان لمحاسبته بالاضافة الى ان تجليات هذه الأزمة بدأت تظهر من خلال زيادة نسبة تسريح الموظفين وارتفاع نسبة البطالة.