أخبار محلية

في ندوة “الأردن إلى أين؟!”، المشاركون يحذرون من مخاطر استمرار السياسة الأردنية على الصعيدين الخارجي والداخلي

أكد المشاركون في الندوة التي عقدتها دائرة الإعلام في حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني تحت عنوان “الأردن إلى أين؟!” على حجم الصعوبات والتحديات التي تواجه الأردن سواء كان ذلك على الصعيد الداخلي أو الإقليمي.

وتحدث في الندوة كل من الدكتور سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية والدكتور موفق محادين الرئيس السابق لرابطة الكتاب الأردنيين، فيما قدم عدد من المختصين والناشطين مداخلات تطرقت إلى المشهد المأساوي الذي تعيشه المنطقة العربية بشكل عام وانعكاساته على الأردن، إضافة إلى السياسات الاقتصادية والاجتماعية الخاطئة التي تمارسها الحكومة والتي يُخشى أن تؤدي إلى ضرب السلم الأهلي في ظل تنامي خطاب الكراهية.

وقدم للندوة الدكتور موسى العزب عضو اللجنة المركزية للحزب الذي أشار إلى أن هذه الندوة تعقد في ظل استمرار استغلال النظام للتطورات في المنطقة كذريعة للتخلص من استحقاقات الاصلاح الاقتصادي والسياسي، وتنامي المقاربة الأمنية للقضايا والمزيد من التغول على مؤسسات المجتمع المدني.

وتالياً أهم ما ورد في كلمات المتحدثين:

الدكتور سعيد ذياب:

للإجابة على سؤال الأردن إلى أين، هذا يتطلب منا الوقوف أمام التحديات التي يواجهها الأردن وكيفية التعامل معها ودرجة الاستجابة لها، لأن تلك الاستجابة هي التي تحدد الأردن وطبيعتها.

ويمكن تحديد أبرز التحديات بـــ:

_ تشكل التبعية أبرز التحديات التي نواجهها، لأننا وبسببها فإن معالجتنا لغالبية مشاكلنا تعتمد بدرجة كبيرة على رؤية وتوصيف وتدخل الآخر، الأمر الذي يجعل من طبيعة الحلول المقترحة هدفها أولاً وأخيراً خدمة هذا الآخر وليس خدمتنا نحن.

ولو تناولنا المثال الأقرب الذي نعيشه الآن المرتبط بالتعليم ومسألة تعديل المناهج، فإن غياب القرار الذاتي وعدم استقلاله، يجعل من عملية التعديل في مضمونها خدمة للخارج وخدمة للعدو الصهيوني.

إن التعديل يجب أن يقود إلى تطوير مخرجات التعليم وبناء جيل منتمي لوطنه ولأمته العربية وللبعد الإنساني، جيل يؤمن بالرأي والرأي الآخر، ويمتاز بروحية التسامح.

_ التحدي الثاني وهو التحدي الاقتصادي، فمنذ النشأة للدولة الأردنية والاقتصاد الأردني اقتصاد تابع، يعتمد على المساعدات والهبات، اقتصاد يمتاز بخلل هيكلي يسيطر عليه قطاع الخدمات على حساب القطاعات الأخرى.

ولكن ما يهمنا في هذا المجال، هو تناول التحولات التي شهدها الاقتصاد الأردني والدولة الأردنية منذ فترة دخول الأردن في اتفاقيات مع المؤسسات الدولية (صندوق النقد والبنك الدولي والتجارة العالمية) حيث تحولت الدولة من حالة الدولة المستثمرة إلى دولة تتولى الحراسة فقط لحركة رأس المال وحماية مصالح الشركات المتعددة الجنسيات،لقد تجلى ذلك من خلال انتهاج سياسة الانفتاح التجاري وسياسة الخصخصة.

وبالرغم من كل ذلك، استمر العجز في الموازنة وتنامت المديونية التي وصلت إلى ما نسبته 90% من الناتج المحلي.

أهم ما في المسألة أن الدولة التي قامت على أساس وحدة ثلاثية (اقتصاد – دولة – مجتمع) اقتصاد دور الدولة فيه مركزي في مشاريع شكلت عماد الاقتصاد يضاف إلى ذلك جهازاً بيروقراطياً مدنياً وعسكرياً ضخم، بحيث تحولت الدولة إلى أكبر رب عمل، ووصل نسبة استيعابها إلى حوالي 60% من الأيدي العاملة.

إن القرارات الليبرالية التي ذكرناها سابقاً، قادت إلى إحداث تحولات اجتماعية في تركيبة الثالوث قاد إلى تنامي المعارضة الشعبية لسياسة الدولة، وإلى ازدياد حدة الفرز الطبقي، وتنامي ظواهر ما دون وطنية، طائفية وعشائرية وإقليمية كنتاج لانكفاء الدولة عن دورها التنموي. دون أن نهمل العامل الآخر وهو التفاوت في مستويات التنمية بين العاصمة والمحافظات.

_ تحدي السياسة الضريبية، من المعروف أن الهدف من قوانين ضريبة للدخل هو تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إعادة توزيع الدخل والثروة، فللضريبة شكلان، مباشرة عن الدخل والملكية، وغير مباشرة عن الإنفاق والاستهلاك، ومما يشير على أن الضريبة لا تمارس دورها في تحقيق العدالة، فإن نسبة مساهمة الضريبة غير المباشرة تتجاوز 75% من الإيرادات الضريبية. وهذا يعكس حجم الخلل الاجتماعي لهذه السياسة ويدلل على تحمل الفئات الشعبية الفقيرة العبء الأكبر في إيرادات الحكومة.

_ تحدي العنف المجتمعي، لقد اتسعت هذه الظاهرة في البلاد في السنوات الأخيرة، وإذا كنا نقر أن هذه الظاهرة ليست معزولة عن الأسباب الاقتصادية المذكورة سابقاً، من فقر وبطالة وفجوات واسعة آخذة في الاتساع، إلا أن غياب النهج الديمقراطي على مستوى الأسرة والمجتمع والبلاد عموماً وتفكك المنظومة القيمية الاجتماعية لدى المجتمع، يساهمان في درجة كبيرة في تفاقم هذه الظاهرة.

_ تحدي الفساد: إن اتساع ظاهرة الفساد ترتبط بشكل كبير أولاً بضعف أجهزة الرقابة وسوء التوزيع للثروة الوطنية، وعدم وجود محاسبة لمرتكبي جرائم الفساد، والتقييد في الوصول إلى المعلومة، يضاف إلى كل ذلك ضعف الإعلام في كشف مواطن الفساد.

_ تحدي تراجع الإصلاح السياسي: لقد عاشت البلاد منذ عامين ردّة عن عملية الإصلاح تجلّت في تراجع في مستوى الحريات العامة، وحرية التعبير والنشر، والتمسك بالقوانين بل والإتكاء عليها التي تقود إلى عرقلة العمل السياسي والحزبي في البلاد.

_ تحدي التطبيع مع الكيان الصهيوني: إن من أخطر التحديات هو التطبيع، والارتباط مع الكيان الصهيوني بفعل تبعات اتفاقية وادي عربة، وما المشاريع الكبرى التي تم إقرارها مؤخراً (اتفاقية الغاز ثم ناقل البحرين) لا تعكس في جوهرها حاجة اقتصادية أردنية، بقدر ما تعكس موقفاً سياسياً يستهدف ربط الأردن ودول الاعتدال مع الكيان الصهيوني، لكي يشكل الأردن جسر العبور للعدو نحو الوطن العربي عموماً. وليشكل التطبيع المقدمة العملية للالتفاف على الحقوق وتصفية القضية الفلسطينية.

الدكتور موفق محادين: على العرب أن يدفعوا ثمن عدم إنجاز الثورة القومية الديمقراطية

في خيارات مركز الرأسمال العالمي وانعكاساته على الإقليم وعلينا بشكل عام، لا تزال الولايات المتحدة تحتل رأس النظام المالي العالمي، وأوروبا تزداد تفسخ يوماً بعد يوم لأسباب عديدة، أمام النظام الرأسمال العالمي اليوم ووفقاً للتقارير التي تناقش في المراكز العالمية المعروفة مثل معهد واشنطن للشرق الأدنى… إلخ، كل هذه المراكز داخل الإدارة الأمريكية والبنتاغون تتحدث عن الخيارات التالية والصراع يجري بين هذه الخيارات الآن: الخيار الأول هو خيار بريجنسكي، الذي يقول بأن القوة الصاعدة التي تهدد المصالح الأمريكية الآن هي الصين

والخيار الثاني الذي يهدد العالم والولايات المتحدة بشكل خاص هي روسيا، فبريجنسكي يقول بأن المعركة القادمة يجب أن تكون في الحوض الأوراسي،ولهذا طرح اقتراحين: ساحة الصراع المباشرة للضغط على الروس ومنع الدب الروسي من الاستيقاظ مجدداً هي أوكرانيا، وهذا الكلام كتبه بريجنسكي قبل تفجير الأزمة الأوكرانية بـــ 20 عاماً. ولهذا فالأزمة الأوكرانية ليس لها علاقة بما يحدث الآن من أزمة داخلية، له علاقة بمخطط الــ CIA.

المقترح الثاني الذي ركز عليه بريجنسكي والتي سماها بالضبط الانبعاث العثماني، وركز كثيراً على حزب العدالة والتنمية، ركز على هذا الخيار بوصفه أداة رئيسية من أدوات المشروع الأمريكي إلى جانب أوكرانيا للضغط على روسيا إلى جانب تطويقها بحزام إسلامي أخضر ناعم ومتشدد في الوقت نفسه.

والخيار الثالث يطرحه عدد من الباحثين في مؤسسات البنتاغون أن على أمريكا أن تنتبه أكثر إلى حديقتها الجنوبية.

أيضاً هناك مجموعة بدأت تتشكل حديثاً في الولايات المتحدة اسمها مجموعة ايزنهاور وهي تقول بأنه ينبغي أن يبقى الشرق الأوسط حاضراً وأنه يجب على أمريكا أن لا تنسحب من الشرق الأوسط، ولكن أولوية الشرق الأوسط بدأت تخف في هذه السيناريوهات.

وفي تشخيص هذه القوى، روسيا إمبراطورية برية صاعدة تتمتع بوفرة في التاريخ والجغرافيا والموارد والطموح وقائد شجاع. وأيضاً هناك التنين الصيني والفيل الهندي قوى صاعدة.

أما فيما يخص قوى الإقليم، هناك ثلاث قوى صاعدة ولا يوجد فيهم ولا قوة عربية، والقوة الصاعدة الآن هي القوة الإيرانية ولعدة أسباب منها أولاً في الجغرافيا هي تطل على بحرين وفي الاقتصاد هي لديها نفط وموارد، وفي السياسي الديمقراطية الإيرانية تشبه الديمقراطية الإسرائيلية أو ما يسمى بالديمقراطية الجرمانية، بمعنى أنها تسمح ببروز ومرور كتل وتيارات وتتنافس فيما بينها، ولكن هذه التيارات تتوحد في مواجهة أي قوى تحاول أن تكسر هذه القوة الخارجية، وهذا النموذج في إيران هو مصدر قوة. والأهم من ذلك، أن الطبقة الوسطى في إيران طبقة مستقرة وبدأت تستفيد وتتسع حتى أحياناً على حساب طبقات أخرى.

أيضاً إيران تحاول في بعض القضايا الحساسة مثل القضية الفلسطينية هي تعلن إلى جانب موقف العرب بأنها داعمة للشعب الفلسطيني ومقاومته.

أما الإمبراطورية الثانية وهي الإمبراطورية التركية، تحولت تركيا من أهم قوة صاعدة في الإقليم وكانت الرقم واحد، وكانت تتقدم على القوة الإيرانية على كل الصعد، حتى بداية الأزمة السورية، حيث تورطت في الأزمة السورية وهذا الانبعاث العثماني لم يعد يلبي حاجات تحولات في البرجوازية وبرجوازية الأناضول بشكل خاص وبدأ هذا الانبعاث يصبح في قبضة الحسابات والأجندة الأمريكية والخليجية، وبدأ هذا الصعود يتحول من قوة إيجابية داخل الدولة التركية إلى عبء على تركيا وحولها إلى دولة مطوقة بمشاكل مع كل جيرانها.

ننتقل الآن إلى العدو الصهيوني، الكيان الصهيوني وفي جزء من أزماته هو امتداد لأزمات النظام الرأسمالي العالمي، لأنه صار في الكيان الصهيوني تقسيم العمل حتى مع الجيران مثل المناطق الحرة هو جزء من تقسيم العمل، فالكيان الصهيوني يتخلى عن جزء من البضائع التي فيها أرباح كثيرة سواء المناطق الحرة مثل النسيج أو صناعات ملوثة للبيئة مثل الاسمنت، هو يلعب نفس اللعبة، لأنه يتقدم تكنولوجياً وعنده صناعات متقدمة يبيعها للهند وروسيا وأمريكا وكل دول العالم، ولكن بالمقابل، تخلق عنده تداعيات في الطبقة الوسطى، حيث هذه الطبقة الوسطى في الكيان الصهيوني وهي القاعدة الاجتماعية التابعة لحزب العمل بدأت تتفسخ وتذهب كل الأصوات والكتل نحو اليمين واليمين المتشدد (دواعش إسرائيل).

أيضاً في المشهد الإقليمي، لم يعد هناك منافس إقليمي للعدو الصهيوني، الآن هناك منافسين كبار، منافس على قاعدة الوحدة هم الأتراك وهم منافسوه ولكنهم معه في الحلف الأطلسي، ومنافس آخر هو المنافس الإيراني.

بالنسبة للعرب، أولاً على العرب أن يدفعوا ثمن عدم إنجاز الثورة القومية الديمقراطية، الأمة الوحيدة التي لم تنجز ثورتها القومية الديمقراطيو ودولة الوحدة القومية هم العرب، العالم كله أنجز هذه الثورة عبر ثلاث خيارات؛ الأوروبيين عبر خيار الثورة الصناعية البرجوازية التي أنتجت الدولة القومية في أوروبا، فيتنام الصين أنجزت الثورة القومية الديمقراطية عبر الاشتراكية (الوحدة والتحرير والاشتراكية) وفي شعوب أخرى مثل اليابان شقاً طريقاً ثالثاً.

العرب لم يشقوا أي طريق ولم ينجزوا ثورتهم بالمعنى البرجوازي ولا بالمعنى الاشتراكي، فظلوا محصورين بدولة ما يسمى سايكس بيكو، وهذه الدولة ظلت أسيرة الجغرافيا السياسية، وأخطر ما في دولة سايكس بيكو هو الدولة القطرية، وهذا ردّ ونقد وحوار وسجال مشاكس مع كل القوى الذين يتحدثون عن الدولة المدنية والمواطنة والحريات السياسية، نحن القوميين العرب الاشتراكيين يعملنا أنطون سعادة أن المواطنة والحرية والتقدم والتحرير والديمقراطية هي مفاهيم قومية، ولا يمكن الحديث لا عن عقد اجتماعي ولا تغيير دستوري ولا عن مواطنة ولا حريات سياسية قبل أن ننجز الشرط التاريخي الحامل، عندما نتحدث عن المواطنة يجب أن يكون هناك حامل اجتماعي وشرط تاريخي للمواطنة وللدستور … إلخ، الشرط التاريخي هو والثورة القومية الديمقراطية والدولة القومية، نحن العرب نضع العربة قبل الحصان. وما هو المطلوب في النهاية، نتعلم من المفكر السوري المعارض ياسين الحافظ يقول الحرية وتمكين النساء والنقابات والديمقراطية والعلمانية… إلخ، مسائل مهمة، ولكن كل هذه المسائل لا قيمة لها إذا لم توضع في إطار برنامج التحرر العربي برنامج الثورة القومية الديمقراطية العربية،ويجب العودة إلى الخطاب العربي، خطاب الثورة القومية الديمقراطية.

اظهر المزيد

نداء الوطن

محرر موقع حزب الوحدة الشعبية… المزيد »
زر الذهاب إلى الأعلى