في ندوة أقامها “الوحدة الشعبية”، المتحدثون: الشعب الفلسطيني مستمر بانتفاضته رغم المؤامرات العربية والدولية
عقدت دائرة الإعلام لحزب الوحدة الشعبية ندوة حوارية مساء يوم الثلاثاء 10 تشرين الثاني 2015 في مقر الحزب، حضرها عدد من الفعاليات الحزبية والنقابية والشخصيات الوطنية.
وقدّم الندوة الرفيق محفوظ جابر عضو اللجنة المركزية للحزب.
وتحدث في الندوة الدكتور سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية الذي لخّص أسباب اندلاع الانتفاضة بالعوامل التالية:
1_ عقم المفاوضات الأمر الذي أدى إلى تعرية السلطة وتجريدها من كل المبررات التي تذرعت بها للتمسك باتفاقية أوسلو وتوابعها
2_ الاستيطان والقضم المتدرج للأرض الفلسطينية يضاف لذلك ممارسات قطعان المستوطنين من اعتداءات على الممتلكات والأرواح، حرق الشهيد محمد أبو خضير وعائلة الدوابشه
3_ محاولة دوائر القرار الأمريكي الصهيوني بدعم دول الخليج لإعادة إنتاج النكبة من تهجير جديد للفلسطينيين في الشتات.
حالة من الرفض الشعبي ضد الانقسام واستمراره، ممارسات التمرد والهيمنة.
4_ الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون.
5_ تعامل قيادات السلطة مع مؤسسات منظمة التحرير بشكل استخدامي من أجل تصفية حسابات شخصية وتمرير سياسات تخدم توجهات السلطة
وأكد ذياب أن هذه الأسباب التي مهدت لاندلاع الهبة إلا أن الشرارة كانت بالاعتداءات المتكررة على الأقصى والسعي الصهيوني لتقسيمه زمانياً ومكانياً. فكانت عملية الشهيد مهند الحلبي الإيذان ببدء الانتفاضة.
وتطرق الدكتور سعيد ذياب إلى سمات الانتفاضة الحالية، حيث يرى أنها اتسمت بالآتي:
1_ يقظة ووعي واستعادة الإرادة ورفض الثقافة السياسية السائدة وهي ثقافة الاستسلام والخنوع.
2_ عنصر الشباب هو السائد وما يعطي لهذا الموضوع أهميته أن العمر يتراوح من 15 – 20 وهو عمر متحرر من الالتزامات الاقتصادية.
3_ المشاركة الواسعة للمرأة الفلسطينية سواء على مستوى المسيرات والشهيدات والطعن
4_ اتساع دائرة المشاركة الشعبية لتشمل الحزء المحتل عام 48 وغزة والضفة والشتات.
ولفت ذياب إلى أن الانتفاضة ستشكل طوق نجاة المجتمع الفلسطيني من المد التكفيري الذي غزا المنطقة لأن هذا المد يتقدم حيث تتراجع القوى الديمقراطية.
ونوه أمين عام حزب الوحدة الشعبية إلى أن اسرائيل تحاول تصوير أن ما تقوم به هو دفاع عن النفس، مؤكداً وجود قلق إسرائيلي حقيقي ناتج عن عجزها عن التنبؤ بسقف هذه الانتفاضة، مشيراً إلى أن هنالك اعتقاد سائد داخل الأوساط الصهيونية أنها انتفاضة جارية وليس مجرد تصاعد في “العنف”.
وختم ذياب حديثه بالإشارة إلى الكلفة التي يتكبدها الاحتلال جراء تنامي هذه الانتفاضة مثل كلفة الإنفاق الأمني بشكل كبير خاصة مع استدعاء آلاف الجنود للخدمة في القدس والضفة، وانخفاض السياحة، وتراجع الإقبال على الأسواق العامة
وختم ذياب حديثه بحصر معيقات استمرار الانتفاضة وعلى رأسها غياب القيادة الموحدة، وغياب البرنامج السياسي، والمحاولات الإقليمية والدولية للالتفاف على الهبة وإجهاضها.
الكاتب والخبير في الشؤون الاسرائيلية الأستاذ نواف الزرو رأى في مداخلته أن المقاومة الفلسطينية مستمرة، وهذه المقاومة في حالة مد وجزر حسب الظروف والمعطيات الفلسطينية والإسرائيلية والعربية والإقليمية… إلخ.
إذن يرى الزرو أن الشعب الفلسطيني وإن كانت الحالة الفلسطينية تهدأ لفترة من الزمن لسنوات طويلة كما حدث خلال الربيع العربي ولكن الشعب الفلسطيني قادر على أن يفجر الأوضاع من جديد، الشعب الفلسطيني في هذه الحالة التي نحن فيها انتقل من حالة النعاس التاريخي العابر إلى حالة هبة انتفاضية فلسطينية شاملة وقد تتطور إلى ما أبعد من الانتفاضة الشاملة، إلى ما هو بمعنى ثورة فلسطينية أو عصيان مدني وهو أهم عنوان من عناوين الثورة الفلسطينية ضد الاحتلال.
ويضيف الأستاذ نواف الزرو أن المؤثرات العربية والإقليمية والدولية تؤثر كثيراً على المشهد الفلسطيني، رغم أن ديناميكية الأحداث على الأرض الفلسطيني هي نتاج فلسطيني، نتاج معمل الانتفاضة الفلسطيني، الشباب الفلسطيني هو الذي يفجر هذه الهبات الانتفاضية، وبالتالي أعتقد بأن مفتاح ما يجري هو بأيدي الشعب الفلسطيني خاصة فئة الشباب وإذا أردنا الحديث عن حصاد هذه الانتفاضة بالأرقام، على سبيل المثال: فحتى الآن وبعد أكثر من أربعين يوماً على الهبة الانتفاضية استشهد 80 فلسطينياً وأصيب الآلاف من الفلسطينيين يصل عددهم تقريباً إلى 10 آلاف مصاب فلسطيني.
مقابل 11 قتيل من الإسرائيليين وحوالي 250 جريح، ولكن على مستوى العمليات،ـ عمليات الطعن ومحاولات الطعن والعمليات المسلحة على اختلاف أشكالها من إطلاق نار وتفجيرات والزجاجات الحارقة، العمليات المسلحة على مدى 40 يوماً نفذت 40 عملية مسلحة، وحوالي 70 عملية طعن ومحاولة طعن، وحوالي 600 عملية إلقاء زجاجات حارقة، وأكثر من 1500 عملية إلقاء حجارة على المستوطنين والدوريات العسكرية ولكن في مواجهة من؟! كل هذه العمليات في مواجهة جيش مدجج بالأسلحة وجيش من المستعمرين اليهود أيضاً مدجج بالأسلحة.
ويشير الزرو إلى أنه من حيث المعنويات والقدرة على النفس الطويل والصمود، الفلسطينيون يمتلكون قدرة أكثر من الإسرائيليين على الصمود وتحمل التضحيات مهما بلغت، الإعدامات الميدانية في كل مكان وهذا لا يردع فالمزيد المزيد من الشباب يقدمون على العمليات من هذا النوع.
على صعيد المعنويات وبشهادات كبار الباحثين الإسرائيليين، الشاب الفلسطيني لا يهزم معنوياً. وبشهادات إسرائيلية في الجبهة الإعلامية الفلسطينيون في هذه المواجهة نجحوا في استغلال الصورة نجاحاً باهراً.
ويكمل الزرو بأن جبهة المقاطعة الدولية ” لإسرائيل” لها علاقة مباشرة بالجبهة الإعلامية كيف يوظف الفلسطينيون ما يجري في الميدان الفلسطيني عالمياً.
ويعتقد الزرو أن هناك إجماعاً سياسياً عالمياً باستثناء الإدارة الأمريكية على صعيد الرأي العام الدولي بأن إسرائيل هي التي تقوم بارتكاب جرائم حرب، ومن ضمن هذه الجرائم الاستيطان اليهودي في الضفة
ويلفت الزرو إلى أن الهبة الانتفاضية الفلسطينية تحتاج إلى العديد من العوامل حتى تستمر وتتصاعد وتصبح في حالة مواجهة يومية مع الاحتلال وتلحق به الخسائر اليومية.
وتحدث الباحث الزرو عن أهم إنجازات الهبة الانتفاضة، وهي أن هذا الحراك الشعبي أعاد القضية الفلسطينية إلى قمة جدول الأعمال العربي والدولي رغماً عن الجميع، وأخذ الخبر الفلسطيني يغطي على الأحداث الأخرى في سورية والعراق والمنطقة وهذا ليس عبثاً، فتحرك الإدارة الأمريكية بسرعة هائلة وبعض حلفائها في المنطقة من أجل احتواء هذه الهبة ذلك لأن فلسطين تبقى في الوعي الجمعي دائماً وأبداً هي البوصلة، مضيفاً أن الإدارة الأمريكية ومن معها من الحلفاء بريطانيا، فرنسا، تركيا، السعودية، هؤلاء الحلفاء لا يريدون للخبر الفلسطيني أو للحدث الفلسطيني أن يغطي على ما يجري في سورية والعراق ومناطق أخرى.
أيضاً من الإنجازات أن هذه الانتفاضة أخذت تراكم تغييراً في الرأي العام الفلسطيني والعربي والدولي لأنه كلما استمرت هذه الانتفاضة كلما كانت تأثيراتها وتداعياتها ليس فقط على العمق الإسرائيلي بل على الرأي العام العربي والدولي متزايدة.
وأيضاً من الإنجازات أن هذا الحراك أعاد النبض الثوري للشارع الفلسطيني بعد أن غاب هذا النبض وجعله يستفيق من النعاس العابر، النبض الشعبي الثوري أخذ يعود للشارع الفلسطيني.
طبعاً إعادة التـأكيد على مركزية القضية ورمزية المدينة المقدسة رغم أنه من وجهة نظرنا أن القضية ليست قضية دينية والصلاة في المسجد الأقصى ولكن للقدس مكانة رمزية في الوعي العام الفلسطيني والعربي والإسلامي والدولي، ولذلك أعاد هذا الحراك القضية كقضية مركزية وأعاد للقدس رمزيتها.
وختم الزرو حديثه بأن هذه الهبة هي في سياق انتفاضي ثوري فلسطيني مفتوح وفي صراع مفتوح مع المشروع الصهيوني وهذا الصراع ذو طابع وجودي وليس حدودي هذا الصراع صراع إستراتيجي وجذري ولا مجال على الإطلاق لكل المعاهدات والاتفاقيات السياسية أن تأتي بالسلام والتعايش والتطبيع مع المشروع الصهيونية.