في الذكرى الثامنة لرحيل القائد جورج حبش بقلم: فؤاد حبش
غياب الأحبة، رحيلهم الأبدي.. يضع الروح في أتون الألم ويضع القلب على حافة القهر. فلن يكون بمقدورنا أن نذهب إليهم ولا يمكن بأي حال أن يرجعوا إلينا.. فيا له من قهر. لكن هامة ثورية مناضلة وصادقة بحجم الحكيم تركت لنا إرثاً نضالياً كبيراً ومدرسة فكرية ستبقى أبداً شعلة تنير درب المناضلين في سعيهم إلى التحرر.. مدرسة ثورية حقيقية نتعلم منها وتتعلم منها الأجيال القادمة المصداقية والصمود والتحدي والمقاومة لتحقيق أحلامنا المشروعة في التحرر والاستقلال والعدالة الاجتماعية.
تمر الذكرى الثامنة لرحيل القائد الاستثنائي جورج حبش في ظروف صعبة ومعقدة على الساحة الفلسطينية والعربية والعالمية، فعلى المستوى الفلسطيني تتصاعد انتفاضة شعبنا الفلسطيني في القدس والضفة الغربية دون قيادة مشتركة تقود هذه الانتفاضة لتحقيق أهدافها في دحر الاحتلال.
فطرفي الانقسام مازالوا متمسكين بمواقفهم البائسة رغم كل النداءات والمحاولات لإنهاء هذا الانقسام المدمر. وسيسجل التاريخ المسؤولية الوطنية والأخلاقية التي تتحملها فتح وحماس عما ستؤول إليه الأمور في ظل استمرار هذا الانقسام. وعلى الرغم من ذلك استطاعت هذه الانتفاضة المباركة بإمكانياتها المتواضعة زيادة كلفة الاحتلال كما استطاعت أن تجعل المستوطنين الأوغاد يعيشون في حالة قلق وخوف مستمر. كما يُسَجل لهذه الانتفاضة أنها نجحت في وضع القضية الفلسطينية في صدارة الساحة الإعلامية والسياسية بعد أن تم تهميش القضية الفلسطينية على حساب الخلافات القُطرية الضيقة.
وعلى الصعيد العربي مازالت الأحلاف العسكرية التي تنشئها السعودية بتوجيهات أمريكية تعمل على هدر الثروات العربية وتدمير الأوطان والأحلام وما يجري في اليمن السعيد وسوريا العروبة إلا خير دليل على ذلك. وبات واضحاً للقاصي والداني أن الحرب على الإرهاب ما هو إلا كذبة وخديعة سياسية لأن من يكون جاداً في محاربة الإرهاب عليه أن يوقف الدعم المالي والعسكري واللوجستي عنه وهذا مالم تفعله الدول التي تدعي محاربتها الإرهاب.
والسؤال الأبرز لهذه الأحلاف العسكرية العربية يكمن في حقيقة موقفها من الإرهاب الصهيوني الذي يدمر البشر والشجر والحجر ويستبيح مقدساتنا بلا حسيب أو رقيب والدول العربية والإسلامية تقف موقف المتفرج وبعضها موقف الداعم لهذه الممارسات الصهيونيةالإرهابية.
وعلى المستوى العالمي مازال الغرب يدعم الكيان الصهيوني بكل إمكانياته ويتفهم حق “إسرائيل” في الدفاع عن نفسها !! ومازالت المؤامرات تحاك لزرع الفتن الطائفية والمذهبية تمهيداً لتقسيم المقسم وتفتيت المفتت لأن سايكس بيكو لم تعد تلبي طموحاتهم فهم ماضون في مخططهم وتآمرهم على المشروع النهضوي العربي وإنشاء كيانات طائفية خدمة لمشروع الدولة اليهودية والتي يخطط لها أن تكون القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية الرئيسية في المنطقة.
وقد تمادت أمريكا في الاستخفاف بالأمتين العربية والإسلامية لدرجة خطيرة وغير مسبوقة حتى وصل الأمر بالمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب أن يطلب سجلاً خاصاً لكل المسلمين في أمريكا بمن في ذلك المواطنون الأمريكيون المسلمون وعدم السماح بدخول أي مسلم للولايات المتحدة الأمريكية إرضاءً للصهاينة، وبالرغم من هذه العنصرية البغيضة ضد المسلمين والعرب، مازال العرب والمسلمون يقيمون أفضل العلاقات مع الأمريكان. ما هذا السقوط المريع للأمتين العربية والإسلامية ؟!
وهنا يحضرني قول الشاعر أبو فراس الحمداني:
سيذكرني قومي إذا جد جدهم وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
نعم يا حكيم الثورة وضميرها سيذكرك قومك وسنتعلم من مدرستك الثورية ونعلم الأجيال القادمة أن الثورة وجدت لعمل المستحيل وليس الممكن فقط.. نعم يا حكيم عائلتك.. شعبك.. ورفاق دربك يفتقدونك أكثر من أي وقت مضى وسيظلون متمسكين بفكرك أوفياء لمشروعك وعلى العهد باقون.