فلسفة الحوار بين العمال وصاحب العمل
تنص المادة (44) بند (ب) عن قانون العمل الاردني (على صاحب العمل والنقابة في المؤسسة التي تستخدم خمسة وعشرين عاملا» فأكثر عقد اجتماعات دورية لا تقل عن مرتين في السنة لتنظيم وتحسين ظروف العمل وانتاجية العمال والتفاوض على أية أمور متعلقة بذلك.
كان نص المادة هذه في القانون المؤقت المعدل (على صاحب العمل وممثلي العمال في المؤسسة …….الخ) شطبت عبارة (ممثلي العمال) وحل محلها عبارة (النقابة)
في التعديلات التي اقرها مجلس الامة على القانون عام 2018.
كان هدف المشرع من هذه المادة تفعيل الحوار بين طرفي الإنتاج صاحب العمل والعمال عبر ممثلين لهم من بينهم، باعتبارهم شركاء في ادامة المؤسسة وتطويرها، مصلحة صاحب العمل في تحسين الانتاجية وزيادة ارباحها،ومصلحة العمال في تحسين ظروفهم المادية والمعنوية، وهي وسيلة شفافة لحل الخلافات التي قد تنشأ بين الطرفين.
لهذا أحدث التعديل بإحلال (النقابة) محل (ممثلي العمال) تشويشا» وتشويها» لغايات النص الاصلي، وعطل الحوار المباشر بين طرفي الإنتاج عمالا» وأصحاب عمل، خاصة وان غالبية عمال الأردن ليس لهم مظله نقابية حسب ما هو قائم فعلا»، والقانون لا يمنحهم حق حرية التنظيم النقابي، بل أكثر من ذلك فإن النقابات القائمة لا تسعى لزيادة منتسبيها، بل هي طاردة للعضوية لأسباب يعرفها الجميع.
والسؤال المهم، هل هذا النص القانوني الملزم سواء قبل التعديل او بعده معمول به في المؤسسات؟ والجواب ستجده عند كافة العمال المنتسبين للنقابات وغير المنتسبين العاملين في المؤسسات بأنه غير معمول به بتاتا». وحامية تطبيق القانون ممثلة بوزارة العمل هي أيضا» غافلة او متواطئة عن هذا الامر الهام والحيوي، والقانون ذاته لا يعتبر عدم التطبيق مخالفة لعدم وجود نص لذلك، وبالتالي واقع الحال يسير وكأن هذه المادة غير موجودة.
ولو افترضنا جدلا» بأن النقابة لديها الإرادة لتقوم بهذا الدور لتجتمع مع صاحب عمل المؤسسة نيابة عن العمال، وهي فرضية عدمية في ظل نقابات قائمة على أكثر من مهنة واحدة، موزعة على مئات المؤسسات المنتشرة على كامل جغرافية البلد. بعضها يتجاوز عددها أيام السنة. فكيف لهذه النقابة ان تبرمج نفسها للاجتماع بأصحاب العمل مرتين في السنة كما تنص المادة وكيف لها الإحاطة بظروف هذه المؤسسات على اختلافها لتناقش أصحاب العمل بموضوعية، انها مهمة مستحيلة، ومن أدرى بظروف العمل واحوال المؤسسة غير العاملين فيها.
لنأخذ مثلا» نموذجا» عن النقابات القائمة لنرى قدرتها على إداء دورها مع أصحاب المؤسسات القائمة، النقابة العامة للعاملين في التعليم الخاص التي يرأسها منذ عقود هو ذاته رئيس الاتحاد العام، هذه النقابة وفقا» للقانون مظلة للعاملين في المدارس الخاصة، الحضانات، رياض الاطفال، الجامعات الخاصة، المعاهد، وكليات المجتمع مراكز التعليم بأنواعها، ويقدر عدد هذه المؤسسات بما يزيد على (3600) مؤسسة تعليمية. ولكل واحدة منهامشكلاتها وهمومها الخاصة ،وهي ممتدة على امتداد جغرافية الاردن، أمام هذا الواقع من الصعب على هذه النقابة أن تجتمع مرتين في السنة مع هذا الكم من المؤسسات المنتشرة ، وقس عليها اغلب النقابات القائمة وحتى تستقيم الأمور ،ليكن لهذا النص القانوني الوصول الى مبتغاة كما قصد بها المشرع وادامة الحوار بين العاملين و أصحاب العمل والحفاظ على إدامة وتطوير المؤسسات الاقتصادية، يجب العودة الى النص الأصلي وان يكون الاجتماع مع ممثلي العمال في المؤسسة ، واضافة شمول النص للعاملين في مؤسسات عددهم أقل من خمسة وعشرين عاملا» لأنهم يتعرضون للغبن اكثر من زملائهم في المؤسسات المشمولة واضافة نص يلزم المؤسسات بعقد هذه الاجتماعات ومعاقبة من يخالفها .
والأهم من ذلك تشريع قانون يضمن حرية التنظيم النقابية ولتعم ثقافة يعمل النقابي بين العمال لتغيير واقعهم المتردي بطريقة مؤسسية فاعلة.