عمالة الاطفال.. اعداد متزايدة تحت مطرقة الفقر
دراسة مسحية: عدد الاطفال العاملين 76 الف وابناء اللاجئين السوريين الأكثر
طالما كان الفقر هو تلك العلة التي تفتك بجسد المجتمعات، لتترك خلفها العديد من الفقراء الذين يلتهمهم العوز وتسقطهم الحاجة الى ادنى مستويات المعيشة، فعندما يُنشل الاطفال من ساحات اللعب والتعليم الى معترك العمل، فذلك سيخلق مجتمع مليء بالتناقضات والانتهاكات الانسانية التي تنذر بمعظلة اجتماعيةانياً ومستقبلاً.
وفي مجتمعنا الاردني الذي بدت فيه رقعة الفقر اكثر اتساعاً والبطالة في اعلى مستوياتها.اصبح من المتوقع ان تترك مثل هذه الظروف ما يقارب سبعون الفا من الاطفال العاملين.
و بينت احدث دراسة مسحية اعدتها منظمة العمل الدولية بالتعاون مع وزارة العمل ومركزالدراسات الاستراتيجية في الاردن، بأن عدد الاطفال العاملين بلغ ما يقارب 76 الفا، اما الاطفال الذي تنطبق عليهم معايير عمالة الأطفال، بلغت ما يقارب 70 الفا، وأن عدد الأطفال العاملين في أعمال خطرة يقارب 45 الفا، وفي هذا السياق تم تقسيم الأطفال الى شريحتين، الاولى تتمثل في الأطفال دون 16 عاما، ويحظر تشغيلهم بأي شكل من الأشكال، والثانية تتمثل في الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 16-18 عاماً، الذين يسمح بتشغيلهم في مهن غير خطرة وغير مضرة بالصحة.
وتفيد هذه المؤشرات الى ارتفاع عمالة الأطفال مقارنة مع المؤشرات الاحصائية في العام 2016، حيث بلغت 33 ألف طفل ،والتي تشير الى أن عمالة الأطفال تضاعفت تقريبا بين الأردنيين.
وفسرت الورقة الارتفاعات المتتالية في عمالة الأطفال في الأردن الى عدة أسباب منها عوامل داخلية مرتبطة ببنية وطبيعة الواقع الاجتماعي، والاقتصادي، في الأردن، وأسباب خارجية. حيث تفاقم التفاوت الاجتماعي وعدم المساواة، وضعف مؤشرات العدالة الاجتماعية، والتي نجمت بشكل أساسي عن تنفيذ سياسات اقتصادية لا تأخذ بعين الاعتبار النتائج والآثار الاجتماعية لهذه السياسات، والتي تركزت خلال العقود الماضية على تحرير الاقتصاد الوطني، والامعان بتنفيذ سياسات مالية تقشفية متنوعة.
ولفتت الورقة إلى أن هذه العوامل أدت على أرض الواقع الى تراجع المستويات المعيشية لقطاعات كبيرة من الأسر الأردنية والتي برزت مؤشراتها بشكل واضح في ازدياد رقعة الفقراء، كما ان نسبة الفقراء العابرين الذين عاشوا الفقر ثلاثة أشهر على الأقل في السنة، والتي تشير أرقام البنك الدولي الحديثة أن نسبتهم تقارب 18.6% من المجتمع.
اما من الناحية النفسية والاجتمعية فأن الطفل العامل يعيش تغيرات في النمو والتطور الجسدي كذلك يعاني الاطفال العاملين من انخفاض التطور العاطفي للطفل حيث يتأثر من حيث عدم احترامه لذاته وتقبله الاخرين، كذلك التطور الاخلاقي والاجتماعي .
وهنا اشار الناطق الاعلامي بوزارة العمل محمد الخطيب، الى هذا الموضوع قائلاً: ان مانشر في هذه الدراسة يمثل ارقام ليست بجديدة، كما ان وزارة العمل قدمت جميع التوصيات والمساعدات بخصوص حصر اعداد الاطفال العاملين في الاردن، بالاضافة الى اتخاذ جميع الاجراءات الازمة من اجل مكافحة هذه الظاهرة، كما اضاف الخطيب بأن الاردن يعتبر من اوائل الدول التي صادقت على المعاهدات الدولية والاتفاقيات العربية بخصوص منع عمالة الاطفال والمحافظة على حقوق الطفل الانسانية وحقهم بالتعليم .
كما اكد الخطيب بأن نسبة العمالة بين اطفال المحافظات اكثر منها في العاصمة وذلك يعود ايضا الى ان المحافظات تحتضن اكبر عدد من اللاجئين السوريين.
وعلى صعيد متصل، أوصت الورقة بإعادة النظر في السياسات الاقتصادية التي تم تطبيقها في الأردن خلال العقود الماضية وما زالت تطبق، وهي التي أدت الى زيادة معدلات الفقر.
وبينت أن أغلبية الأطفال العاملين ينتمون الى أسر فقيرة، تدفعهم حاجتهم لإخراج أطفالهم من مقاعد الدراسة، أو التساهل في تسربهم من المدارس بهدف المساهمة في توفير مداخيل اضافية تساعد هذ الأسر على تلبية حاجاتها الأساسية.
ودعت إلى تفعيل سياسات مكافحة الفقر، وتطوير شبكة حماية اجتماعية عادلة توفر الحياة الكريمة، واعادة النظر بسياسات الأجور باتجاه رفعها.
وشددت على تطوير العملية التربوية والتعليمية خلال المرحلة الأساسية للحد من عمليات تسرب الأطفال من مدارسهم.
وحثت الورقة على ضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه اللاجئين السوريين، للحؤول دون اضطرارهم لدفع أطفالهم الى سوق العمل لمساعدة اسرهم في تغطية نفقاتهم الأساسية.