لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مقالات

على من تقع مسؤولية ال”طز”؟!

حجم الإجماع الشعبي الأردني حول القضية الفلسطينية لا يمكن مقارنته بأي ملف آخر، خاصة ونحن نرى الصورة الجميلة التي رسمها شعبنا الأردني في تضامنه مع أهلنا في غزة.

يبدو أن هذه الصورة المثالية والتسابق بين أبناء شعبنا الأردني لتقديم الغالي والنفيس من أجل فلسطين إبتداءً من الاعتصامات اليومية بالقرب من سفارة العدو، مرورًا بالوقفات التضامنية في كافة محافظات المملكة، وانتهاءً بمسيرات الأغوار والتي تسابق فيها أبناء شعبنا للوصول إلى الحدود في اشارة رمزية للاستعداد للتضحية بالنفس من اجل القدس وفلسطين.
أقول، يبدو ان هذه الصورة لم ترق للبعض الذي وجد فيها عودة لتصدر القضية الفلسطينية المشهد، وما يتبعه ذلك من ربط الأزمة الاقتصادية بالتبعية للغرب ومخططاته، الأمر الذي استلزم “إشغال” الرأي العام بقضايا جانبية تعيد المواطن إلى مربع السيطرة الإعلامية الرسمية في تحديد أولويات انشغالاته من خلال امكاناتها وقدراتها الإعلامية.
في المشهد النيابي، وجدنا نائبًا يتحدث مع زميله ثنائيًا وبعيدًا عن الجلسة الرسمية، حيث صدرت منه عبارة “طز بمجلس النواب” وهي العبارة التي تحولت إلى أزمة تحت اسم “أزمة طز المجلس”، شغلت البلاد والعباد منذ أيام ولا نزال نعيش تداعياتها حتى اللحظة. وذلك على إثر تحويل حديث النائب إلى اللجنة القانونية للمجلس ومن ثم اتخاذ المجلس قرارًا ب”تجميد” عضوية النائب لمدة عام، في جلسة طارئة عقدها المجلس خصيصًا لهذا الأمر، علمًا بأنه لم يعقد جلسة طارئة لمناقشة الحرب الصهيونية على غزة، أو انقطاع التيار الكهربائي عن الأردن برمتها. ليتلوها تصعيد من قبل عشيرة النائب ومؤازريه، قابلها “فرض للقانون” من قبل الحكومة، الأمر الذي فاقم المسألة خاصة وأن تعاطفًا شعبيًا كبيرًا حصده النائب على خلفية الحادثة.
نعود لعنوان المقال: من المسؤول عن وقوع هذه الحادثة وتداعياتها والوصول إلى هذه المرحلة؟! ولماذا؟! والأهم من المستفيد من هذه الأزمة؟!
١- باعتقادي أن حرف البوصلة عن القضية الفلسطينية هو هدف رئيسي، وخاصة في ظل ما شهدناه من اندفاع من قبل المكون الشرق أردني أثناء أحداث القدس وغزة الأخيرة.
٢- من وضع قانون الانتخابات ومن قام بتكييفه ليخرج بمجلس نواب “على قد الإيد”، يتحمل مسؤولية رئيسية في هذا الجانب.
٣- في كل مرة تحاول الحكومة تسويق “معارضة مشوهة” يسهل الهجوم عليها من جهة، وتقطع الطريق على المعارضة الوطنية الواعية من تعزيز حضورها من جهة أخرى.
٤- أحد أهم نتائج “أزمة الطز” هو ضرب المؤسسة التشريعية. فقد تجاوزنا مرحلة عدم الثقة بهذا المجلس، لنصل إلى مرحلة عدم احترام المجلس كهيئة ومؤسسة -للأسف- وهو أمر بالغ الخطورة.
في الختام، فإن شكوى الحكومة من ممارسات وتجاوزات على القانون هنا او هناك، ما هو إلا نتاج طبيعي لسياسات رسمية عززت من الهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية الجامعة، والحل لا يمكن أن يأتي الا من خلال حوار وطني جامع يحدد الأولويات ويعزز الحياة الحزبية ويعالج ملف الإصلاح والحريات بشكل جدي.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى