عاجلاً أم آجلاً || الانتخابات الفلسطينية وإرهاصات التأجيل وما بعده
بغض النظر عن المواقف الشخصية لكل منا إزاء إجراء الإنتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية فإن القرار الرسمي من قبل رئيس السلطة قد صدر وتم إعلانه واتخاذ الإجراءات المصاحبة لهكذا حدث كبير وتم تسجيل الناخبين والقوائم المرشحة لخوض غمار الإنتخابات من قبل العديد من القوى والأحزاب والفصائل والتكتلات.
وقد سيقت جمله من المبررات لإجرائها وأهمها كما قيل :
- تجديد الشرعية القيادية الفلسطينية وإشاعة الديمقراطية.
- انتخاب مجلس تشريعي يتولى قيادة الحياة التشريعية مجددا بعد حدوث فراغ تشريعي كبير جراء حل المجلس السابق في الوقت الذي يتم فيه ضرب وتهميش مؤسسات منظمة التحرير وعلى رأسها المجلس الوطني الفلسطيني المترهل فاقد الهيبة والصلاحية واعتبار سلطة أوسلو ذات صلاحية تتفوق على المنظمة فبعد توقيع أوسلو وتعديل الميثاق الوطني تم ركنها على الرف واستبدلت اللجنة التنفيذية بحكومة السلطة بما يعني تهميش نصف الشعب الفلسطيني الذين يعيشون في الشتات وإسقاطهم من حسابات السلطة وحق العودة.
كما تم تقديم الكثير من المبررات السياسية والتنظيمية والنضالية من أجل تسويغ العملية وإقناع الشعب ودفعه للمشاركة بها ومن بين القوى المؤثرة لم يعلن رفضه المشاركة سوى حركة الجهاد الإسلامي.
و المخاوف ومبررات الرفض تركزت في كون الإنتخابات تجري تحت حراب الإحتلال وفي ظل إشتراطات أوسلو والإنقسام الفلسطيني المسكوت عنه الآن على الأقل وقرار الإحتلال برفض إشراك القدس والمقدسيين في مجريات العملية على الأرض على اعتبار أنها منطقة غير خاضعة للسلطة وانتهى أمرها في عهد ترامب حين اعتبرها عاصمة موحدة للكيان الصهيوني.
ولكن حسابات الحقل لدى رئاسة السلطة وحزبها (حركة فتح) لم تتطابق مع حسابات البيدر فتنازع القوم واختلفوا فيما بينهم ليجدوا أنفسهم أمام ثلاث قوائم لفتح ومرشح منافس لعباس على الرئاسة مما يضعف ويقلل فرصهم في تشكيل أغلبيه ويهدد بقاء عباس رئيسا للسلطة ويدفع بحماس لحصد الأغلبية في غزة والضفة الغربية لوحدها أو بتحالفها مع أطراف أخرى.
وقد كانت القدس وكما قلت مبكرا هي الشماعة التي ستعلق عليها كل الآثام كون استطلاعات الرأي التي جرت وأبلغ بها عباس تؤكد أنه لن يخرج سالما من معركة الانتخابات واستشعرت قيادات الأجهزة الأمنية خطورة ما سيحدثه من تهديد لسلطتها ومصالحها وإتفاقاتها مع العدو الصهيوني برفض ما يسمونه (العنف) بدلا من النضال الوطني لصالح نظرية الحياة مفاوضات والتنسيق الأمني وتشابك المصالح.
فتم استعمال القدس مبررا لاتخاذ قرار (أو التوجه لإتخاذه) من أجل إلغاء أو تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى ليبقى الحال على ما هو عليه.
فإذ ما تم اليوم أو غدا وقف الانتخابات تأجيلا أو إلغاء علينا أن نفكر بالخطوة التالية حيث يتوقع أن يصعد الإحتلال بالقدس لوقف الهبة الجماهيرية بينما نحن منشغلون بالإنتخابات وتداعياتها كما أن إدارة المستقبل الفلسطيني بنفس الأدوات المهترئة لم يعد خيارا مقبولا كون غالبيتهم العظمى فقدوا الصلاحية السياسية والزمنية والنضالية.
كما أن الإستمرار بهيمنة فتح وعباس تحديدا على سلطة القرار الوطني الفلسطيني بات يشكل عقبة في حياة الشعب الفلسطيني.
فكيف يمكن لفرد أو تنظيم الهيمنة على كل هذا الكم من الرئاسات الفلسطينية ( رئاسة فتح ومنظمة التحرير والسلطة وصندوق المال الفلسطيني ) في وقت واحد ويجير واحدة لمصلحة الأخرى..
آن أوان التغيير ولتفصل كل هذه المناصب ولتتوزع على قيادات متعددة منعا للشمولية والفرد كما هو حاصل الآن.